صان أسراره الختام فلا الف ... ض ملمّ به ولا الإفضاء
أي وأتت حليمة به جده والحال أنها فطمته والحال أنه لحق بها من أجل فطامه، ورده التألم الزائد، وردها له لأجل أنه أحدقت به ملائكة الله فظنتهم شياطين، ورأى شدة محبتها له وتعلقها به، وقد حصل لها من الوجد الذي بها لهب تحترق الأحشاء به، وهي ما تحويه الضلوع، وفارقته بعد ردها له كارهة لفراقه والحال أنه كان مقيما عندها لا تملّ ذلك منه، وقد شق عن قلبه وأخرج من ذلك القلب عند غسله مضغة سوداء ختمت على ذلك القلب يمين الأمين جبريل بخاتم، والحال أن ذلك القلب الشريف قد أودع من الأسرار الإلهية ما لم تنشره أخبار، لأن تلك الأسرار لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، حفظ ذلك الختام أسراره التي أودعت فيه، فلا الكسر واقع بذلك الختم ولا الإشاعة واقعة لتلك الأسرار.
أقول: قد علمت أن صدره الشريف شق مرّتين غير هذه المرة: مرّة عند مجيء الوحي، ومرّة عند المعراج: وزاد بعضهم أنه شق عند بلوغه عشر سنين كما في مسلم.
ولما بلغ عمره صلى الله عليه وسلم عشرين سنة: أي ولعلها هي المعنية بقول صاحب المواهب وروي خامسة ولم تثبت وستأتي تلك الخامسة عن الدرّ المنثور، وسيأتي ما فيها والله أعلم.
قال: وفي المرة التي كان ابن عشر سنين: أي وأشهر قال صلى الله عليه وسلم: «جاءني رجلان، فقال أحدهما لصاحبه أضجعه فأضجعني لحلاوة القفا، ثم شقا بطني فكان أحدهما يختلف بالماء في طست من ذهب، والآخر يغسل جوفي، ثم شق قلبي فقال أخرج الغل والحسد منه، فأخرج منه العلقة» .
والمتبادر أن أل في العلقة للعهد، وهي العلقة السوداء، التي تقدم أنها حظ الشيطان وأنها مغمزة فهي محل الغلّ والحسد.
وفيه أنه تقدم أيضا أن تلك العلقة أخرجت وألقيت قبل هذه المرة وتكرر نبذها مستحيل إلا أن تحمل العلقة على جزء بقي من أجزائها بناء على جواز أنها تجزأت أكثر من جزأين، المعبر عنهما فيما تقدم عن بعض الروايات علقتين سوداوين، إلا أن يقال المراد بقوله فأخرج منه العلقة أي أخرج ما هو كالعلقة: أي شيئا يشبه العلقة كما سيأتي التصريح بذلك في بعض الروايات «فأدخل شيئا كهيئة الفضة، ثم أخرج ذرورا كان معه فذره عليه أي على شق القلب ليلتحم به ثم نقر إبهامي ثم قال اغد واسلم» .
أقول: لم يذكر في هذه المرة الختم. وظاهر هذه الرواية أن الصدر التحم