للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادع لي فلانا وفلانا رجالا سماهم، وادع لي من لقيت، فدعوت من سمى ومن لقيت، فرجعت، فإذا البيت غاصّ، بأهله، قيل لأنس: ما عددهم؟ قال: كانوا ثلاثمائة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده الشريفة على تلك الحيسة وتكلم بما شاء الله، ثم جعل يدعو عنده عشرة يأكلون منه، ويقول لهم: اذكروا الله وليأكل كل رجل مما يليه، فأكلوا حتى شبعوا كلهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم لي: يا أنس ارفع فرفعت، فما أدري حين وضعت كانت أكثر أو حين رفعت، فمكثت عنده صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهر وقيل شهران أو ثلاثة، ثم توفيت وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفنت بالبقيع، وقد بلغت ثلاثين سنة أو نحوها. ولم يمت من أزواجه صلى الله عليه وسلم في حياته إلا هي وخديجة رضي الله تعالى عنهما.

ثم تزوج صلى الله عليه وسلم بعد زينب هذه أم سلمة. واسمها هند. وكانت قبله صلى الله عليه وسلم عند أبي سلمة رضي الله تعالى عنه عبد الله بن عبد الأسد ابن عمته صلى الله عليه وسلم برة بنت عبد المطلب، وأخوه صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وكانت هي وهو أول من هاجر إلى الحبشة على ما تقدم، فلما مات أبو سلمة رضي الله تعالى عنه، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلي الله أن يؤجرك في مصيبتك ويخلفك خيرا، فقالت: ومن يكن خيرا من أبي سلمة؟ ولما اعتدت أم سلمة رضي الله تعالى عنها أرسل صلى الله عليه وسلم يخطبها مع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله تعالى عنه، أي وكان خطبها أبو بكر رضي الله تعالى عنه فأبت، وخطبها عمر فأبت، فلما جاءها حاطب، قالت: مرحبا برسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول له: إني امرأة مسنة، وإني أم أيتام: أي لأنها رضي الله تعالى عنها كان معها أربع بنات: برة وسلمة وعمرة ودرة، وإني شديدة الغيرة، فأرسل صلى الله عليه وسلم يقول لها: أما قولك إني امرأة مسنة فأنا أسن منك، ولا يعاب على المرأة أن تتزوج أسن منها. وأما قولك: إني أم أيتام فإن كلهم على الله وعلى رسوله. وأما قولك: إني شديدة الغيرة فإني أدعو الله أن يذهب ذلك عنك. أي وفيه أنهم قالوا: يا رسول الله ألا تتزوج من نساء الأنصار؟

قال: إن فيهن غيرة شديدة. وفي لفظ أنها قالت زيادة على ما تقدم: ليس لي ههنا أحد من أوليائي فيزوجني، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: أما ما ذكرت من غيرتك فإني أدعو الله أن يذهبها عنك. وأما ما ذكرت من صبيتك فإن الله سيكفيهم. وأما ما ذكرت من أوليائك فليس أحد من أوليائك يكرهني، فقالت لابنها: زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجه أي على متاع منه رحى وجفنة وفراش حشوه ليف، وقيمة ذلك المتاع عشرة دراهم، وقيل أربعون درهما. قالت: فتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدخلني بيت زينب أم المساكين رضي الله تعالى عنها بعد أن ماتت، فإذا جرة فيها شيء من شعير، وإذا رحى وبرمة وقدر وكعب: أي ظرف الأدم، فأخذت ذلك الشعير فطحنته ثم عصدته في البرمة، وأخذت الكعب فأدمته، فكان ذلك طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أهله ليلة عرسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>