وعلى كون المراد بسد الأبواب تضييقها وجعلها خوخا يشكل ما جاء:«أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي، فقال العباس: يا رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج، قال: ما أمرت بشيء من ذلك، فسدها كلها غير باب علي» فعلى تقدير صحة ذلك يحتاج إلى الجواب عنه، وعلى هذا الجمع يلزم أن يكون باب علي كرم الله وجهه استمر مفتوحا في المسجد مع خوخة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، لما علم أنه لم يكن لعلي باب آخر من غير المسجد.
وحينئذ قد توقف في قول بعضهم في سد الخوخ إلا خوخة أبي بكر إشارة إلى استحلاف أبي بكر لأنه يحتاج إلى المسجد كثيرا دون غيره، لكن في تاريخ ابن كثير رحمه الله: وهذا: أي سد جميع الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا باب عليّ لا ينافي ما ثبت في صحيح البخاري من أمره صلى الله عليه وسلم في مرض الموت بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا باب أبي بكر، لأن في حال حياته صلى الله عليه وسلم كانت فاطمة رضي الله تعالى عنها تحتاج إلى المرور من بيتها إلى بيت أبيها صلى الله عليه وسلم فأبقى صلى الله عليه وسلم باب عليّ كرم الله وجهه لذلك رفقا بها، وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فزالت هذه العلة فاحتيج إلى فتح باب الصديق رضي الله تعالى عنه لأجل خروجه إلى المسجد ليصلي بالمسلمين، لأنه الخليفة بعده عليه الصلاة والسلام هذا كلامه. وهو يفيد أن باب علي كرم الله وجهه سد مع سد الخوخ ولم يبق إلا خوخة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، وجعل لبيت علي كرم الله وجهه باب من الخارج.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:
«يا علي لا يحل لأحد جنب مكث في المسجد غيري وغيرك» .
وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها:«أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه حتى انتهى إلى صرحة المسجد، فنادى بأعلى صوته إنه لا يحلّ المسجد لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وأزواجه وعليّ وفاطمة بنت محمد، ألا هل بينت لكم أن لا تضلوا» قال الحافظ ابن كثير: وهذا أي الثاني إسناده غريب وفيه ضعف هذا كلامه، والمراد المكث في المسجد لا المرور به والاستطراق منه فإن ذلك لكل أحد.
ثم رأيت الحافظ السيوطي رحمه الله أشار إلى ذلك، وذكر أن مثل علي كرم الله وجهه فيما ذكر ولداه الحسن والحسين حيث قال: وكذا علي بن أبي طالب والحسن والحسين اختصوا بجواز المكث في المسجد مع الجنابة والله أعلم، ثم قال صلى الله عليه وسلم:«يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرا إنهم كانوا عيبتي التي أويت إليهم، فأحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته هذه: «أيها الناس من أحس من نفسه شيئا فليقم