بذلك. وقال لها: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركناه صدقة» ولكن أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوله، وأنفق على من كان ينفق عليه، وقوله صدقة هو بالرفع كما هو الرواية: أي الذي تركناه فهو صدقة، وقد منع بذلك عائشة وبقية أزواجه صلى الله عليه وسلم لما جئن إليه يطلبن ثمنهن.
وزعمت الرافضة أن الصديق رضي الله تعالى عنه كان ظالما لفاطمة رضي الله عنها بمنعه إياها من مخلف والدها، وأنه لا دليل له في هذا الخبر الذي رواه، لأن فيه احتجاجا بخبر الواحد مع معارضته لآية المواريث.
ورد بأنه إنما حكم بما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنده قطعي فساوى آية المواريث من قطيعة المتن، وكان مخصصا لآية المواريث.
وذكر عن الرافضة أنهم زعموا أن صدقة بالنصب وأن ما نافية. ويرده صدر الحديث:«إنا معاشر الأنبياء لا نورث» وأما رواية: «نحن معاشر الأنبياء» فلم تجىء في كتاب من كتب الحديث كما قاله غير واحد، ومن رواه بذلك بالمعنى لأن نحن وإنا مفادهما واحد ولا يعارض ذلك قوله تعالى وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ [النّمل: الآية ١٦] وقوله تعالى حكاية عن زكريا: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ [مريم: الآية ٥] إذ المراد وراثة العلم والحكمة.
وفي لفظ أنها رضي الله تعالى عنها قالت له: من يرثك؟ قال: أهلي وولدي، فقالت فما لي لا أرث أبي. فقال لها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث فغضبت رضي الله تعالى عنها من أبي بكر رضي الله تعالى عنه وهجرته إلى أن ماتت، أي فإنها عاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر على ما تقدم. ومعنى هجرانها لأبي بكر رضي الله تعالى عنه أنها لم تطلب منه حاجة ولم تضطر إلى لقائه، إذ لم ينقل أنها رضي الله تعالى عنها لقيته ولم تسلم عليه، ولا كلمته.
وروى ابن سعد أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه جاء إلى بيت علي لما مرضت فاطمة فاستأذن عليها، فقال علي كرم الله وجهه: هذا أبو بكر على الباب يستأذن، فإن شئت أن تأذني له فأذني، قالت: وذاك أحب إليك؟ قال نعم، فأذنت له رضي الله تعالى عنه، فدخل واعتذر إليها فرضيت عنه، وأن أبا بكر رضي الله تعالى عنه صلى عليها.
وقال الواقدي: وثبت عندنا أن عليا كرم الله وجهه دفنها رضي الله تعالى عنها ليلا، وصلى عليها ومعه العباس والفضل رضي الله تعالى عنهم ولم يعلموا بها أحدا.
قال بعضهم: وكأنها تأولت قوله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث» وحملت ذلك على الأموال. أي الدراهم والدنانير كما جاء في بعض الروايات:«لا تقسم ورثتي دينارا ولا درهما» بخلاف الأراضي، ولعل طلب إرثها من فدك كان منها بعد أن ادعت رضي الله تعالى