كان أميرا على المدينة، قدمه الحسين فصلى عليه إماما وقال هي السنة.
قال ابن كثير رحمه الله: والذي نص عليه وغير واحد من الأئمة سلفا وخلفا أنه صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين قبل أن ينتصف النهار، ودفن يوم الثلاثاء قبل وقت الضحى، والقول إنه مكث ثلاثة أيام لا يدفن غريب، والصحيح أنه صلى الله عليه وسلم مكث بقية يوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء وبعض ليلة الأربعاء.
وكان السبب في تأخره صلى الله عليه وسلم ما علمت من اشتغالهم ببيعة أبي بكر رضي الله عنه حتى تمت، وقيل لعدم اتفاقهم على موته صلى الله عليه وسلم، وكان آخر من طلع من قبره الشريف قثم بن العباس رضي الله عنهما، وقيل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لأنه ألقى خاتمه في القبر الشريف وقال لعلي: يا أبا الحسن خاتمي، وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكون آخر الناس عهدا به قال: انزل فخذه، وقيل ألقى الفأس في القبر وقال: الفأس الفأس فنزل وأخذها، ويقال إن عليا كرم الله وجهه لما قال له المغيرة ذلك نزل وناوله الخاتم أي أو الفأس، أو أمر من نزل وناوله ذلك وقال له:
إنما فعلت ذلك لتقول أنا آخر الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا، واعترض بأن المغيرة رضي الله عنه لم يكن حاضرا للدفن.
وقد روي أن جماعة من العراق قدموا على عليّ كرم الله وجهه فقالوا: يا أبا الحسن جئناك لنسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه، فقال لهم: أظن أن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: أجل، عن هذا جئنا نسألك قال: كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن العباس رضي الله عنهما.
وقام الإجماع على أن هذا الموضع الذي ضم أعضاءه الشريفة صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض حتى موضع الكعبة الشريفة، قال بعضهم: وأفضل من بقاع السماء أيضا حتى من العرش.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: ما نفضنا الأيدي من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنكرنا قلوبنا، قال بعضهم: وأظلمت الدنيا حتى لم ينظر بعضنا إلى بعض، وكان أحدنا يبسط يده فلا يراها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنا فرط لأمتي لن يصابوا بمثلي» وفي مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله سبحانه وتعالى إذا أراد بأمة خيرا قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها» فيا له من خطب جل عن الخطوب، ومصاب علم دمع العيون كيف يصوب، وطارق هجم هجوم الليل، وحادث هد كل القوى والحيل، ولشدة أسف حماره صلى الله عليه وسلم الذي كان يركبه ألقى نفسه في حفيرة فمات كما تقدم، وتركت ناقته صلى الله عليه وسلم الأكل والشرب حتى ماتت، وأنشد الحافظ الدمياطي عن غيره: