للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاية ألا تجيب؟ قال: فمن هي؟ قلت خديجة، قال: وكيف لي بذلك؟ بكسر الكاف لأنه خطاب لنفيسة. قلت: بلى وأنا أفعل، فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن ائت لساعة كذا وكذا، فأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها، فحضر ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته فزوّجه أحدهم: أي وهو أبو طالب على ما يأتي. وقال في خطبته: وابن أخي له في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك، فقال عمرو بن أسد: هذا الفحل لا يقدع أنفه: أي بالقاف والدال المهملة: أي لا يضرب أنفه لكونه كريما، لأن غير الكريم إذا أراد ركوب الناقة الكريمة يضرب أنفه ليرتدع، بخلاف الكريم، وكون المزوّج لها عمها عمرو بن أسد قال بعضهم هو المجمع عليه. وقيل المزوّج لها أخوها عمرو بن خويلد.

وعن الزهريّ أن المزوّج لها أبوها خويلد بن أسد وكان سكرانا من الخمر، فألقت عليه خديجة حلة وهي ثوب فوق ثوب، لأن الأعلى يحل فوق الأسفل، وضمخته بخلوق: أي لطخته بطيب مخلوط بزعفران فلما صحا من سكره قال: ما هذه الحلة والطيب؟ فقيل له: لأنك أنكحت محمدا خديجة وقد ابتنى بها فأنكر ذلك، ثم رضيه وأمضاه: أي لأن خديجة استشعرت من أبيها أنه يرغب عن أن يزوجها له، فصنعت له طعاما وشرابا، ودعت أباها ونفرا من قريش فطعموا وشربوا، فلما سكر أبوها قالت له: إن محمد بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه، فزوّجها، فخلقته وألبسته، لأن ذلك: أي إلباس الحلة وجعل الخلوق به كان عادتهم أن الأب يفعل به ذلك إذا زوّج بنته، فلما صحا من سكره قال: ما هذا؟ قالت له خديجة:

زوجتني من محمد بن عبد الله، قال: أنا أزوّج يتيم أبي طالب؟ لا لعمري، فقالت له خديجة: ألا تستحي، تريد أن تسفه نفسك عند قريش، تخبرهم أنك كنت سكرانا؟

فلم تزل به حتى رضي: أي وهذا مما يدل على أن شرب الخمر كان عندهم مما يتنزه عنه. ويدل له أن جماعة حرّموها على أنفسهم في الجاهلية، منهم من تقدم، ومنهم من يأتي. وفي رواية أنها عرضت نفسها عليه فقالت: يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك، وأمانتك وحسن خلقك، وصدق حديثك، فذكر ذلك صلى الله عليه وسلم لأعمامه، فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فزوّجها.

أقول: قال في النور ولعل الثلاثة: أي أباها وأخاها وعمها حضروا ذلك فنسب الفعل إلى كل واحد منهم، هذا كلامه.

وفي كون المزوج لها أبوها خويلد أو كونه حضر تزويجها نظر ظاهر، لأن المحفوظ عن أهل العلم أن خويلد بن أسد مات قبل حرب الفجار المتقدم ذكرها.

قال بعضهم: وهو الذي نازع تبعا: أي حين أراد أخذ الحجر الأسود إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>