للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقلا، وإن كان في المال قلّ، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، وعارية مسترجعة، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثنتي عشرة أوقية ونشا: أي وهو عشرون درهما والأوقية: أربعون درهما، أي وكانت الأواقي والنش من ذهب كما قال المحب الطبري: أي فيكون جملة الصداق خمسمائة درهم شرعي. وقيل أصدقها عشرين بكرة، أي كما تقدم.

أقول: لا منافاة لجواز أن تكون البكرات عوضا عن الصداق المذكور. وقال بعضهم: يجوز أن يكون أبو طالب أصدقها ما ذكر وزاد صلى الله عليه وسلم من عنده تلك البكرات في صداقها فكان الكل صداقا، والله أعلم.

قال: وما قيل إن عليا رضي الله تعالى عنه ضمن المهر فهو غلط، لأن عليا لم يكن ولد على جميع الأقوال في مقدار عمره، وبه يردّ قول بعضهم: وكون عليّ ضمن المهر غلط، لأن عليا كان صغيرا لم يبلغ سبع سنين: أي لأنه ولد في الكعبة وعمره صلى الله عليه وسلم ثلاثون سنة فأكثر، وسنه حين تزوج خديجة كان خمسا وعشرين سنة على ما تقدم أو زيادة بشهرين وعشرة أيام. وقيل خمسة عشر يوما على ما يأتي وقيل الذي ولد في الكعبة حكيم بن حزام.

قال بعضهم: لا مانع من ولادة كليهما في الكعبة، لكن في النور: حكيم بن حزام ولد في جوف الكعبة، ولا يعرف ذلك لغيره. وأما ما روي أن عليا ولد فيها فضعيف عند العلماء.

قال النووي: وعند ذلك قال عمها عمرو بن أسد: هو الفحل لا يقدع أنفه وأنكحها منه. وقيل قائل ذلك ورقة بن نوفل: أي فإنه بعد أن خطب أبو طالب بما تقدم خطب ورقة، فقال: الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كله لا ينكر العرب فضلكم، ولا يردّ أحد من الناس فخركم وشرفكم ورغبتنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم، فاشهدوا عليّ معاشر قريش إني قد زوّجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله وذكر المهر، فقال أبو طالب: قد أحببت أن يشركك عمها، فقال عمها: اشهدوا عليّ معاشر قريش إني قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد، وأو لم عليها صلى الله عليه وسلم: نحر جزورا، وقيل جزورين، وأطعم الناس، وأمرت خديجة جواريها أن يرقصن ويضربن الدفوف، وفرح أبو طالب فرحا شديدا، وقال: الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب، ودفع عنا الغموم، وهي أول وليمة أولمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أقول: ولا ينافي هذا ما تقدم من قوله: فوجدناهم قد ذبحوا بقرة، وألبسوا خديجة حلة، لجواز أن يكون ذلك كان عند العقد، وهذا عند إرادة الدخول. ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>