عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما. ولا مانع من التعدد، وكان ارتفاعها تسعة أذرع من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ولم يكن لها سقف: أي وكان الناس يلقون الحليّ والمتاع كالطيب أي الذي يهدى إليها في بئر داخلها عند بابها على يمين الداخل منه أعدت لذلك، يقال لها خزانة الكعبة كما سيأتي ذلك. فأراد شخص في أيام جرهم أن يسرق من ذلك شيئا فوقع على رأسه وانهار البئر عليه فهلك.
وفي كلام بعضهم: فسقط عليه حجر فحبسه في تلك البئر حتى أخرج منها وانتزع المال منه، فليتأمل الجمع.
وقد يقال على بعد: جاز أن يكون هذا الرجل تكرر منه السرقة، وكان هلاكه في المرة الثانية، فعند ذلك بعث الله حية بيضاء سوداء الرأس والذنب رأسها كرأس الجدي، فأسكنها تلك البئر لحفظ تلك الأمتعة، وكانت قد تخرج منها إلى ظاهر البيت فتشرق بالقاف أي تبرز للشمس على جدار الكعبة، فيبرق لونها، وربما التفت عليه فتصير رأسها عند ذنبها، فلا يدنو منها أحد إلا كشت: أي صوّتت وفتحت فاها معطوف على كشت.
ففي حياة الحيوان قال الجوهري: كشيش الأفعى صوتها من جلدها لا من فيها، فحرست بئره وخزانة البيت خمسمائة عام، لا يقربه أحد: أي لا يقرب بئره وخزانته إلا أهلكته: أي ولعل المراد لو قرب منه أحد أهلكته، إذ لو هلكت أحدا قرب من تلك البئر لنقل، فلم تزل كذلك حتى كان زمن قريش ووجد هذا السيل والحريق، أرادوا هدمها وإعادة بنائها، وأن يشيدوا بنيانها: أي يرفعوه ويرفعوا بابها، حتى لا يدخلها إلا من شاؤوا واجتمعت القبائل من قريش تجمع الحجارة كل قبيلة تجمع على حدة، وأعدوا لذلك نفقة أي طيبة، ليس فيها مهر بغيّ، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس أي بعد أن قام أبو وهب عمرو بن عابد، فتناول منها حجرا فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه، فقال عند ذلك: يا معشر قريش لا تدخلوا في بنيانها من كسبكم إلا طيبا، الحديث: أي وفي لفظ أنه قال لهم: لا تدخلوا في نفقة هذا البيت مهر بغيّ: أي زانية ولا بيع ربا وفي لفظ: لا تجعلوا في نفقة هذا البيت شيئا أصبتموه غصبا ولا قطعتم فيه رحما، ولا انتهكتم فيه حرمة أو ذمة بينكم وبين أحد من الناس. وأبو وهب هذا خال عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان شريفا في قومه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة.
روى الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: لما بنيت الكعبة ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس رضي الله تعالى عنه ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة: أي كبقية القوم، فإنهم كانوا يضعون أزرهم على عواتقهم، ويحملون الحجارة، ففعل صلى الله عليه وسلم فخرّ إلى الأرض،