للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موكلا على آدم أن لا يأكل من تلك الشجرة، فلما قدّر الله تعالى أن آدم يأكل من تلك الشجرة غاب عنه ذلك الملك، فنظر الله تعالى إلى ذلك الملك بالهيبة فصار جوهرا. ألا ترى أنه جاء في الأحاديث «الحجر الأسود يأتي يوم القيامة وله يد ولسان وأذن وعين» لأنه كان في الابتداء ملكا.

أقول: ورأيت في ترجمة كلام الشيخ كمال الدين الأخميمي أنه لما جاور بمكة رأى الحجر الأسود وقد خرج من مكانه وصار له يدان ورجلان ووجه، ومشى ساعة ثم رجع إلى مكانه.

وقد جاء «أكثروا من استلام هذا الحجر، فإنكم توشكون أن تفقدوه، بينما الناس يطوفون به ذات ليلة إذ أصبحوا وقد فقدوه، إن الله عز وجل لا يترك شيئا من الجنة في الأرض إلا أعاده فيها قبل يوم القيامة» أي فقد جاء «ليس في الأرض من الجنة إلا الحجر الأسود والمقام، فإنهما جوهرتان من جواهر الجنة، ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله تعالى» وجاء «استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يرفع» وقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة، والله أعلم.

وجاء «أن آدم أتى ذلك، أي تلك الخيمة: أي التي هي البيت المعمور على ما تقدم ألف مرة من الهند ماشيا من ذلك ثلاثمائة حجة وسبعمائة عمرة، وأول حجة حجها جاءه جبريل وهو واقف بعرفة فقال له: يا آدم برّ نسكك، أما إنا قد طفنا بهذا البيت قبل أن تخلق بخمسين ألف سنة. وفي رواية: لما حج آدم استقبلته الملائكة بالردم: أي ردم بين جمح الذي هو محل المدعي، فقالوا: بر حجك يا آدم، قد حججنا هذا البيت قبلك بألف عام.

أقول: وفي تاريخ مكة للأزرقي أن آدم عليه الصلاة والسلام حج على رجليه سبعين حجة ماشيا، وأن الملائكة لقيته بالمأزمين فقالوا: بر حجك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. والمأزمان: موضع بين عرفة والمزدلفة. قال الطبري: ودون مني أيضا مأزمان، والله أعلم بالمراد منهما هذا كلامه. وجاء «أنه وجد الملائكة بذي طوى وقالوا له: يا آدم ما زلنا ننتظرك ههنا منذ ألفي سنة» وكان بعد ذلك إذا وصل إلى المحل المذكور خلع نعليه، ويحتاج للجمع بين كون الملائكة استقبلته بالردم، وكونها لقيته بالمأزمين، وكونه وجدهم بذي طوي، وبين كونهم حجوا البيت قبله بألف عام، وكونهم حجوا قبله بألفي عام، وبخمسين ألف عام، وهل الملائكة خلقوا دفعة واحدة أم خلقوا جيلا بعد جيل.

ومما يدل على أنهم جيلا بعد جيل ما جاء من نحو «من قال سبحان الله وبحمده، خلق الله ملكا له عينان وجناحان وشفتان ولسان يطير مع الملائكة ويستغفر لقائلها إلى يوم القيامة» وما جاء «إن جبريل في كل غداة يدخل بحر النور فينغمس

<<  <  ج: ص:  >  >>