للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد النبي خير الرسل

ثم خر الصنم لوجهه، فاندقت عنقه فقمت إليه فجعلته رفاتا، ثم سرت مسرعا، حتى أتيت المدينة فدخلت المسجد الحديث.

وفيه أنه إن كان الصوت من جوف الصنم فهو من غير هذا النوع. ولوائل هذا حديث مع معاوية تركناه لطوله.

وأما ما سمع من بعض الوحوش، فمنه ما حدث به أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: «بينا راع يرعى بالجزيرة إذ عرض الذئب لشاة من شياهه فحال الراعي بين الذئب وبين الشاة فأقعى الذئب على ذنبه فقال ألا تتقي الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إليّ؟ فقال الراعي أعجب من ذئب يكلمني بكلام الإنس، فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب مني؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحرتين» .

وفي رواية بيثرب يحدث الناس بأنباء ما قد سبق، وفي لفظ: يخبركم بما مضى وما هو كائن بعدكم، فساق الراعي شياهه فأتى المدينة فغدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثه بما قال الذئب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الراعي، إن من أشراط الساعة كلام السباع للإنس، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل شراك نعله أي وهو أحد سيورها الذي يكون على وجهها كما تقدم، وعذبة سوطه، أي طرفه وقيل أحد سيوره، ويخبره بما فعل أهله» أي وفي لفظ «فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنودي بالصلاة جامعة، ثم خرج فقال للأعرابي: أخبرهم فأخبرهم» .

وفي رواية أن راعي الغنم كان يهوديا. وفي رواية أن الذئب قال له أنت أعجب مني واقفا على غنمك وتركت نبيا لم يبعث الله قط أعظم منه قدرا وقد فتحت له أبواب الجنة وأشرف أهلها وأصحابه ينظرون قتالهم، وما بينك وبينه إلا هذا الشعب، فتصير في جنود الله تعالى، فقال له الراعي: من لي بغنمي، فقال الذئب: أنا أرعاها حتى ترجع، فأسلم إليه غنمه ومضى إليه صلى الله عليه وسلم، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عد إلى غنمك تجدها بوفرها فوجدها كذلك، وذبح للذئب شاة منها» وفيه أن هذا وما تقدم من خبر سعيد بن جبير كما علمت بعد الهجرة لا عند المبعث الذي الكلام فيه.

قال في النور هذا الراعي لا أعرف اسمه. قال وكلم الذئب غير واحد، فانظرهم في تعليقي على البخاري.

أقول: ذكر في حياة الحيوان عن ابن عبد البر: كلم الذئب من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ثلاثة: رافع بن عميرة، وسلمة بن الأكوع، ووهبان بن أوس.

وأما ما سمع من بعض الأشجار، فقد روي عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قيل له: هل رأيت قبل الإسلام شيئا من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، بينا أنا

<<  <  ج: ص:  >  >>