الأصل بقوله:
لم يبق من حجر صلب ولا شجر ... إلا وسلم بل هناه ما وهبا
وإلى ذلك يشير أيضا صاحب الهمزية بقوله:
والجمادات أفصحت بالذي أخ ... رس عنه لأحمد الفصحاء
أي والجمادات التي لا روح فيها نطقت بكلام فصيح لا تلعثم فيه: أي بالشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولم تنطق به أهل الفصاحة والبلاغة وهم الكفار من قريش وغيرهم.
وعن عليّ رضي الله تعالى عنه قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله» .
أقول: «وإلى تسليم الحجر قبل البعثة يشير الإمام السبكي رحمه الله تعالى في تائيته بقوله:
وما جزت بالأحجار إلا وسلمت ... عليك بنطق شاهد قبل بعثة
وأما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما أوحي إليّ جعلت لا أمرّ بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله» وما ذكره بعضهم أن الجن قالوا له صلى الله عليه وسلم بمكة: من يشهد أنك رسول الله؟ قال تلك الشجرة، ثم قال لها من أنا؟ فقالت: رسول الله» فليس من المترجم له.
وفي الخصائص الصغرى: وخصى بتسليم الحجر، وبكلام الشجر، وبشهادتهما له بالنبوة، وإجابتهما دعوته.
وفي كلام السهيلي: يحتمل أن يكون نطق الحجر والشجر كلاما مقرونا بحياة وعلم. ويحتمل أن يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة وعلم. وعلى كل هو علم من أعلام النبوة.
وفي كلام الشيخ محيي الدين بن العربي: أكثر العقلاء، بل كلهم يقولون عن الجمادات لا تعقل، فوقفوا عند بصرهم. والأمر عندنا ليس كذلك؟ فإذا جاءهم عن نبيّ أو وليّ أن حجرا كلمه مثلا يقولون خلق الله فيه العلم والحياة في ذلك الوقت.
والأمر عندنا ليس كذلك بل سر الحياة سار في جميع العالم.
وقد ورد «أن كل شيء سمع صوت المؤذن من رطب ويابس يشهد له، ولا يشهد إلا من علم وأطال في ذلك» وقال قد أخذ الله بأبصار الإنس والجن عن إدراك حياة الجماد إلا من شاء الله كنحن وأضرابنا، فإنا لا نحتاج إلى دليل في ذلك، لكون