للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: الآية ١] ومن ثم قال الحافظ الدمياطي: نزول اقرأ بدون بسملة يدل على أن البسملة ليست آية من كل سورة، واستدل به: أي بعدم نزولها في أول سورة اقرأ أيضا كما قال الإمام النووي من يقول إن البسملة ليست بقرآن في أوائل السور: أي وإنما أنزلت وكتبت للفصل والتبرك بالابتداء بها، وهذا القول ينسب لقول إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه في القديم وهو قول قدماء الحنفية.

قال: وجواب المثبتين أي لقرآنيتها في ذلك أنها نزلت في وقت آخر كما نزل باقي السورة: أي سورة اقرأ.

وجوابهم أيضا بأن الإجماع من الصحابة والسلف على إثباتها في مصاحفهم مع مبالغتهم في تجريدها عن كتابة غير القرآن فيها حتى إنهم لم يكتبوا آمين فيها، واستدل أيضا لعدم قرآنيتها في أوائل السور بعدم تواترها في محلها.

ورد بأن عدم تواترها في محلها لا يقتضي سلب القرآنية عنها. وردّ هذا الردّ بأن الإمام الكافيجي قال: المختار عند المحققين من علماء السنة وجوب التواتر: أي في القرآن في محله ووضعه وترتيبه أيضا كما يجب تواتره في أصله: أي وفي الفتوحات: البسملة من القرآن بلا شك عند العلماء بالله، وتكرارها في السورة كتكرار ما تكرر في القرآن من سائر الكلمات، وهو بظاهره يؤيد ما ذهب إليه إمامنا من أنها آية من أول كل سورة، ومحتمل لما قاله السهيلي حيث قال: نقول إنها آية من كتاب الله مقترنة مع السورة.

وفي كلام أبي بكر بن العربي: وزعم الشافعي أنها آية من كل سورة وما سبقه إلى هذا القول أحد، فإنه لم يعدّها أحد آية من سائر السور.

ونقل عن إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه أنها آية من أول الفاتحة دون بقية السور. فعن الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: أول الحمد بسم الله الرحمن الرحيم، وأول البقرة الم قال بعضهم: وهو يدل على أن البسملة آية من أول الفاتحة دون بقية السور، فإنها ليست آية من أولها، بل هي آية في أولها إعادة لها وتكريرا لها، وربما يوافق ذلك قول الجلال السيوطي في الخصائص الصغرى: وخص صلى الله عليه وسلم بالسملة والفاتحة هذا كلامه وكونه خص بالبسملة يخالف قوله في الإتقان عن الدارقطني «إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض أصحابه لأعلمنك آية لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري: بسم الله الرحمن الرحيم» كما سيأتي، وسيأتي ما فيه.

قيل وإنما تركت البسملة أول براءة لعدم المناسبة بين الرحمة التي تدل عليها البسملة، والتبرئ الذي يدل عليه أول براءة. ورده في الفتوحات، بأنها جاءت في أوائل السور المبدوءة بويل قال: وأين الرحمة من الويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>