وعن مقاتل بن سليمان فرض الله تعالى في أول الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة أي قبل طلوع الشمس وركعتين بالعشيّ أي قبل غروب الشمس.
أقول: إن كان المراد بأول الإسلام نزول جبريل عليه باقرأ يردّ ما تقدم عن الإمتاع أن أول ما وجب ركعتان بالعشيّ ثم صارت صلاة بالغداة وصلاة بالعشي ركعتين إلا أن يراد الأولية الإضافية.
وفي بعض الأحاديث ما يدل على أن وجوب الركعتين كان خاصا به صلى الله عليه وسلم دون أمته.
منها قوله صلى الله عليه وسلم:«أول ما افترض الله على أمتي الصلوات الخمس» ، وفيه أنه افترض عليها قبل ذلك صلاة الليل ثم نسخ بالصلوات الخمس.
وفي الإمتاع «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى الكعبة أول النهار فيصلي صلاة الضحى، وكانت صلاة لا تنكرها قريش، وكان صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا جاء وقت العصر تفرقوا في الشعاب فرادى ومثنى: أي فيصلون صلاة العشي، وكانوا يصلون الضحى والعصر، ثم نزلت الصلوات الخمس» هذا كلامه. وهو يفيد أن الركعتين الأوليين كان يصليهما وقت الضحى لا قبل الشمس فليتأمل والله أعلم، ثم فرضت الخمس ليلة المعراج.
وذهب جمع إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة: أي لا عليه ولا على أمته إلا ما وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد: أي بقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ [المزمّل: الآية ٢٠] أي صلوا.
أقول: وهو الناسخ لما وجب قبل ذلك من التحديد في أول السورة الحاصل بقوله: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ [المزمل: الآية ٢- ٤] وقد نسخ قيام الليل بالصلوات الخمس ليلة الإسراء، ولم يذكر أئمتنا وجوب صلاة الركعتين عليه صلى الله عليه وسلم، بل قالوا: أول ما فرض عليه الإنذار والدعاء إلى التوحيد، ثم فرض عليه قيام الليل المذكور في أول سورة المزمل، ثم نسخ بما في آخرها، ثم نسخ بالصلوات الخمس، وهو مخالف لما تقدم عن ابن إسحق من وجوب صلاة الركعتين عليه، ويوافقه قول ابن كثير في قولهم ماتت خديجة قبل أن تفرض الصلوات: مرادهم قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء.
قال بعضهم: وإنما قال ذلك، لأن أصل الصلاة قد فرض في حياة خديجة الركعتين بالغداة والركعتين بالعشي.
وفي كلام ابن حجر الهيتمي: لم يكلف الناس إلا بالتوحيد فقط، ثم استمر