للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن جماع قريش قصي.

وقد ذكر السبكي أنهم ذكروا أن من خواص الشافعي رضي الله تعالى عنه من بين الأئمة أن من تعرض إليه أو إلى مذهبه بسوء أو نقص هلك قريبا، وأخذوا ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم «من أهان قريشا أهانه الله تعالى» هذا كلامه. قال الحافظ العراقي: إسناد هذا الحديث يعني «لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملأ الأرض علما» لا يخلو عن ضعف، وبه يرد ما زعمه الصغاني من أنه موضوع، وحاشا الإمام أحمد أن يحتج بحديث موضوع أو يستأنس به على فضل الشافعي.

وقال ابن حجر الهيتمي: هو حديث معمول به في مثل ذلك أي في المناقب، وزعم وضعه حسد أو غلط فاحش: أي وعن الربيع قال: رأيت في المنام كأن آدم مات، فسألت عن ذلك؟ فقيل لي هذا موت أعلم أهل الأرض، لأن الله علم آدم الأسماء كلها، فما كان إلا يسير حتى مات الشافعي رضي الله تعالى عنه ورضي عنا به.

ومما يؤثر عن إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه: من أطراك في وجهك بما ليس فيك فقد شتمك، ومن نقل إليك نقل عنك، ومن نمّ عندك نم عليك، ومن إذا أرضيته قال فيك ما ليس فيك إذا أسخطته قال فيك ما ليس فيك. وقال صلى الله عليه وسلم «قدموا قريشا ولا تقدموا» أي لا تتقدموها. وفي رواية «ولا تعالموها: أي لا تغالبوها بالعلم ولا تكاثروها فيه» . وفي رواية «ولا تعلموها» أي لا تجعلوها في المقام الأدنى الذي هو مقام المتعلم بالنسبة للمعلم. وقال صلى الله عليه وسلم «أحبوا قريشا، فإنه من أحبهم أحبه الله تعالى» وقال صلى الله عليه وسلم «لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله عز وجل» .

وفي السنن المأثورة عن إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه رواية المزني عنه.

قال الطحاوي: حدثنا المزني قال: حدثنا الشافعي رضي الله تعالى عنه «أن قتادة بن النعمان وقع بقريش وكأنه نال منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا يا قتادة لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منهم رجالا إذا رأيتهم عجبت بهم، لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله تعالى» أي لولا أنها إذا علمت ما لها عند الله من الخير المدخر لها تركت العمل، بل ربما ارتكبت ما لا يحل اتكالا على ذلك لأعلمتها به، لكن في رواية «لأخبرتها بما لمحسنها عند الله من الثواب» . وهذا دليل على علو منزلتها وارتفاع قدرها عند الله تعالى. وقال صلى الله عليه وسلم يوما «يا أيها الناس إن قريشا أهل أمانة، من بغاها العواثر» أي من طلب لها المكايد «أكبه الله تعالى لمنخريه» أي أكبه الله على وجهه «قال ذلك ثلاث مرات» وعن سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه أنه كان بالمسجد فمر عليه سعيد بن العاص فسلم عليه، فقال له: والله يا ابن أخي ما قتلت أباك يوم بدر، وما لي أن أكون أعتذر من قتل مشرك، فقال له سعيد بن العاص: لو

<<  <  ج: ص:  >  >>