الصحابة. وفيه أن القهر إنما ينافي إظهار الجماعة لا فعلها، إلا أن يقال تركت حسما للباب. وفيه أنه يبعد تركها وهم مستخفون في دار الأرقم فليتأمل، والله أعلم.
ثم بعد إسلام علي رضي الله تعالى عنه أسلم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم زيد بن حارثة بن شرحبيل.
وقال ابن هشام: شرحبيل مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له خديجة، أي لما تزوجها صلى الله عليه وسلم، أي وكان اشتراه لها ابن أخيها حكيم بن حزام ممن سباه من الجاهلية، أي فإن عمته خديجة أمرته أن يبتاع لها غلاما ظريفا عربيا، فلما قدم سوق عكاظ وجد زيدا يباع، أي وعمره ثمان سنين، فإنه أسر من عند أخواله طي، وعليه اقتصر السهيلي.
فإن أمه لما خرجت به لتزيره أهلها فأصابته خيل فباعوه فاشتراه، أي وقيل اشتراه من سوق حباشة بأربعمائة درهم، ويقال بستمائة درهم، فلما رأته خديجة أعجبها فأخذته أي ولعل هذا مراد من قال فباعه من عمته خديجة أي اشتراه لها، فلما تزوّجها صلى الله عليه وسلم وهو عندها أعجب به فاستوهبه منها فوهبته له، فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه قبل الوحي.
أي وقيل اشتراه صلى الله عليه وسلم لها فإنها جاء إلى خديجة، فقال:«رأيت غلاما بالبطحاء قد أوقفوه ليبيعوه، ولو كان لي ثمنه لاشتريته، قالت وكم ثمنه؟ قال سبعمائة درهم، قالت: خذ سبعمائة درهم فاذهب فاشتره، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء به إليها، وقال: إنه لو كان لي لأعتقته، قالت: هو لك فأعتقه» وقيل بل اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشام لخديجة حيث توجه مع ميسرة فوهبته له فليتأمل ذلك.
وزعم أبو عبيدة أن زيد بن حارثة لم يكن اسمه زيدا، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم سماه بذلك باسم جدّه قصيّ حين تبناه.
ثم إنه خرج في إبل لأبي طالب إلى الشام، فمرّ بأرض قومه، فعرفه عمه فقام إليه وقال: من أنت يا غلام؟ قال: غلام من أهل مكة، قال: من أنفسهم؟ قال لا، قال: فحر أنت أم مملوك؟ قال: مملوك، قال: عربيّ أنت أم أعجمي؟ قال: بل عربيّ، قال: ممن أهلك؟ قال من كلب، قال: من أي كلب؟ قال: من بني عبد ود، قال: ويحك ابن من أنت؟ قال ابن حارثة بن شرحبيل، قال: وأين أصبت؟ قال: في أخوالي قال: ومن أخوالك؟ قال: طيّ، قال: ما اسم أمك؟ قال: سعدى، فالتزمه وقال ابن حارثة ودعا أباه، فقال: يا حارثة هذا ابنك، فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه، قال: كيف صنع مولاك إليك؟ قال: يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حبا فلا أصنع إلا ما شئت، فركب معه أبوه وعمه وأخوه.
وفي رواية أنا ناسا من قومه حجوا فرأوا زيدا فعرفوه وعرفهم فانطلقوا وأعلموا