للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلام بعضهم ما يفيد أن الاستعمال حرام أيضا إلا أن يشتهر بذلك كما في الأوصاف المنقصة كالأعمش.

وفي كلام القاضي: وإنما كناه والكنية تكرمة أي بالعدول عن الاسم إليها لاشتهاره بكنيته، ولأن اسمه عبد العزى الذي هو الصنم فاستكره ذكره، ولأنه لما كان من أصحاب النار كانت الكنية أوفق بحاله في الآخرة، فهي كنية تفيد الذم.

فاندفع ما يقال هذا يخالف قولهم ولا يكنى كافر وفاسق ومبتدع إلا لخوف فتنة أو تعريف، لأن ذلك خاص بالكنية التي تفيد المدح لا الذم ولم يشتهر بها صاحبها.

قال: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني عبد المطلب فحضروا وكان فيهم أبو لهب، فلما أخبرهم بما أنزل الله عليه أسمعه ما يكره، قال: تبا لك، ألهذا جمعتنا: أي وأخذ حجرا ليرميه به، وقال له: ما رأيت أحدا قط جاء بني أبيه وقومه بأشرّ ما جئتهم به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم في ذلك المجلس انتهى.

أي وفي الإمتاع: أن أبا لهب ظن أنه صلى الله عليه وسلم يريد أن ينزع عما يكرهون إلى ما يحبون، فقال له هؤلاء عمومتك وبنو عمومتك، فتكلم بما تريد واترك الصبأة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب طاقة، وإن أحق من أخذك وحبسك أسرتك وبنو أبيك إن أقمت على أمرك، فهو أيسر عليك من أن تتب عليك بطون قريش وتمدها العرب، فما رأيت يا ابن أخي أحدا قط جاء بني أبيه وقومه بشر ما جئتهم به، وعند ذلك أنزل الله تعالى تَبَّتْ [المسد: الآية ١] أي خسرت وهلكت يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد: الآية ١] أي خسر وهلك بجملته: أي والمراد بالأول جملته، عبر عنها باليدين مجازا، والمراد به الدعاء، وبالثاني الخبر على حد قولهم: أهلكه الله وقد هلك.

أي ولما قال أبو لهب عند نزول تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) [المسد: الآية ١] إن كان ما يقوله محمد حقا افتديت منه بمالي وولدي نزل ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) [المسد: الآية ٢] أي وأولاده، لأن الولد من كسب أبيه: أي وفي رواية وهي في الصحيحين «أنه دعا قريشا فاجتمعوا، فخص وعم فقال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار: أي وفيه أنه إنما أمر بالإنذار لعشيرته الأقربين، ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني زهرة أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، يا صفية عمة محمد أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئا» وفي لفظ «لا أملك لكم من الدنيا منفعة، ولا من الآخرة نصيبا، إلا أن تقولوا لا إله إلا الله: أي لا تبقوا على كفركم اتكالا على قرابتكم مني» فهو حث لهم على صالح الأعمال، وترك الاتكال «غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها» أي أصلها بالدعاء: أي والبلال

<<  <  ج: ص:  >  >>