للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْراً [الأنعام: الآية ٩٠] فتعين حمل الآية على أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فيلزم من ذلك أن يكون أبو بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أفضل الخلق، لأن الله تعالى يقول: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [الحجرات: الآية ١٣] والأكرم هو الأفضل، وبين ذلك الفخر الرازي بأن الأمة مجمعة على أن أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم إما أبو بكر وإما علي، فلا يمكن حمل الآية على عليّ لما تقدم، فتعين حملها على أبي بكر.

وذكر بعض أهل المعاني: أي المبينين لمعاني القرآن كالزجاج والفراء والأخفش أن المراد بالأشقى والأتقى الشقي والتقي، فأوقع أفعل التفضيل موضع فعيل، فهو عام في أمية بن خلف وأبي بكر وغيرهما وإن كان السبب خاصا، والذي بخل واستغنى المراد به أبو سفيان، لأنه كان عاتب أبا بكر في إنعامه وإعتاقه وقال له أضعت مالك والله لا تصيبه أبدا، وقيل المراد به أمية بن خلف.

ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر اشترى بلالا قال له الشركة يا أبا بكر، فقال: قد أعتقته يا رسول الله: أي لأن بلالا قال لأبي بكر حين اشتراه: إن كنت اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله عز وجل فدعني لله فأعتقه.

هذا، وذكر «أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا بكر رضي الله تعالى عنه، فقال لو كان عندنا مال اشتريت بلالا، فانطلق العباس رضي الله تعالى عنه فاشتراه فبعث به إلى أبي بكر: أي ملكه له فأعتقه» فليتأمل الجمع بين هذا وما تقدم.

وقد اشترى أبو بكر رضي الله تعالى عنه جماعة آخرين ممن كان يعذب في الله، منهم حمامة أم بلال. ومنهم عامر بن فهيرة، فإنه كان يعذب في الله تعالى حتى لا يدري ما يقول، وكان لرجل من بني تيم من ذوي قرابة أبي بكر رضي الله تعالى عنه. ومنهم أبو فكيهة كان عبدا لصفوان بن أمية، أسلم حين أسلم بلال، فمر به أبو بكر رضي الله تعالى عنه وقد أخذه أمية أبو صفوان وأخرجه نصف النهار في شدة الحر مقيدا إلى الرمضاء، فوضع على بطنه صخرة، فخرج لسانه وأخو أمية يقول له زده عذابا حتى يأتي محمد فيخلصه بسحره فاشتراه أبو بكر رضي الله تعالى عنه.

ومنهم امرأة وهي زنيرة بزاي فنون مشددة مكسورتين فمثناة تحتية ساكنة، وهي في اللغة الحصاة الصغيرة، عذبت في الله تعالى حتى عميت، قال لها يوما أبو جهل: إن اللات والعزى فعلا بك ما ترين، فقالت له: كلا والله لا تملك اللات والعزى نفعا ولا ضرا، هذا أمر من السماء وربي قادر على أن يرد عليّ بصري، فأصبحت تلك الليلة وقد رد الله تعالى عليها بصرها، فقالت قريش: إن هذا من سحر محمد صلى الله عليه وسلم، فاشتراها أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأعتقها، أي وكذا ابنتها.

وفي السيرة الشامية أم عنيس بالنون أو الباء الموحدة فمثناة تحتية فسين مهملة،

<<  <  ج: ص:  >  >>