كالبرص، ولعل حصول ذلك كان قبل دعائه صلى الله عليه وسلم بأن النار تكون بردا وسلاما عليه.
وعن أم هانئ رضي الله تعالى عنها أن عمار بن ياسر وأباه ياسرا وأخاه عبد الله، وسمية أم عمار رضي الله تعالى عنهم كانوا يعذبون في الله تعالى، فمرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صبرا آل ياسر، صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة» أي وفي رواية «صبرا يا آل ياسر، اللهم اغفر لآل ياسر، وقد فعلت» فمات ياسر في العذاب، وأعطيت سمية لأبي جهل: أي أعطاها له عمه أبو حذيفة بن المغيرة، فإنها كانت مولاته فطعنها في قلبها فماتت: أي بعد أن قال لها: إن آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم إلا لأنك عشقتيه لجماله، ثم طعنها بالحربة في قبلها حتى قتلها، فهي أول شهيدة في الإسلام اهـ.
أي وعن بعضهم كان أبو جهل يعذب عمار بن ياسر وأمه، ويجعل لعمار درعا من حديد في اليوم الصائف، فنزل قوله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢)[العنكبوت: الآية ٢] .
وجاء «أن عمار بن ياسر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد بلغ منا العذاب كل مبلغ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: صبرا أبا اليقظان، ثم قال: اللهم لا تعذب أحدا من آل عمار بالنار» .
قال بعضهم: وحضر عمار بدرا ولم يحضرها من أبواه مؤمنان إلا هو: أي من المهاجرين. فلا ينافي أن بشر بن البراء بن معرور الأنصاري حضر بدرا وأبواه مؤمنان.
ومما أوذي به أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت:«لما ابتلي المسلمون بأذى المشركين: أي وحصروا بني هاشم والمطلب في شعب أبي طالب، وأذن صلى الله عليه وسلم لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة وهي الهجرة الثانية، خرج أبو بكر رضي الله تعالى عنه مهاجرا نحو أرض الحبشة، حتى إذا بلغ برك الغماد» بالغين المعجمة موضع بأقاصي هجر، وقيل موضع وراء مكة بخمسة أميال، أي وفي رواية «حتى إذا سار يوما أو يومين لقيه ابن الدغنة- بفتح الدال وكسر الغين المعجمة وتخفيف النون- وهو سيد القارة: أي وهو اسمه الحارث» والقارة: قبيلة مشهورة كان يضرب بهم المثل في قوّة الرمي، ومن ثم قيل لهم: رماة الحدق لا سيما ابن الدغنة. والقارة: أكمة سوداء نزلوا عندها فسموا بها «قال له: أين تريد يا أبا بكر؟ قال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر يخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار، فارجع فاعبد ربك ببلدك، فرجع مع ابن الدغنة. فطاف ابن الدغنة في