للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنم كان يعبده فصار له اسمان: آزر وتارخ كيعقوب وإسرائيل.

قال بعضهم: وقد تساهل من أخذ بظاهر الآية كالقاضي البيضاوي وغيره فقال:

إن أبا إبراهيم مات على الكفر وما قيل إنه عمه فعدول عن الظاهر من غير دليل.

ويوافقه ما في النهر نقلا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن آزر كان اسم ابيه، ويرد ذلك قول الحافظ السيوطي رحمه الله: يستنبط من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) [إبراهيم:

الآية ٤١] وكان ذلك بعد موت عمه بمدة طويلة، أن المذكور في القرآن بالكفر والتبري من الاستغفار له: أي في قوله تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ [التوبة: الآية ١١٤] هو عمه لا أبوه الحقيقي. قال: فلله الحمد على ما ألهم: أي ولا يخفى أن هذا لا يتم إلا إذا كان أبوه الحقيقي حيا وقت التبري منه، وأن التبري سببه الموت: أي موت عمه على الكفر لا الوحي بأنه يموت كافرا فليتأمل، وحينئذ يكون أبوه الحقيقي هو المعني بقول أبي هريرة: أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم. أن قال لما رأى ولده وقد ألقي في النار أي على تلك الحالة أي في روضة خضراء وحوله النار: لم تحرق منه إلا كتافه نعم الرب ربك يا إبراهيم، وكان سنه حين ألقي في النار ست عشرة سنة كما في الكشاف. وفي كلام غيره كان سنه ثلاثين سنة بعد ما سجن ثلاث عشرة سنة.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «إن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه فلما خلق الله تعالى آدم عليه الصلاة والسلام ألقى ذلك النور في صلبه، قال صلى الله عليه وسلم: فأهبطني الله تعالى إلى الأرض في صلب آدم، وجعلني في صلب نوح، وقذفني في صلب إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، ثم لم يزل ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط» .

أقول: قوله صلى الله عليه وسلم: «فأهبطني» ينبغي أن لا يكون معطوفا على ما قبله من قوله: «إن قريشا كانت نورا بين يدي الله تعالى الخ» فيكون نوره صلى الله عليه وسلم من جملة نور قريش، وإنه صلى الله عليه وسلم انفرد عن نور قريش وأودع في صلب نوح عليه الصلاة والسلام الخ، بل على ما يأتي من قوله: «كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام» اللازم لذلك أن يكون نوره سابقا على نور قريش، ويكون نور قريش من نوره صلى الله عليه وسلم.

وحكمة اقتصاره صلى الله عليه وسلم على من ذكر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا تخفى.

وهي أنهم آباء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فمن ذرية نوح هود وصالح عليهما

<<  <  ج: ص:  >  >>