عن المدينة إلى وجّ الطائف، فلم يزل حتى ولي ابن أخي عثمان رضي الله تعالى عنه الخلافة، فدخل المدينة بعد أن سأل عثمان أبا بكر في ذلك، فقال: لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأل عمر لما ولي الخلافة فقال له مثل ذلك، ولما أدخله عثمان نقم عليه الصحابة بسبب ذلك، فقال: أنا كنت شفعت فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعدني برده: أي أني أردّه» ولا ينافي ذلك سؤال عثمان لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم في ذلك كما لا يخفى، لأنه يحتمل أن يرده عثمان إما بنفسه أو بسؤاله، وسيأتي ذلك في جملة أمور نقهما عليها الصحابة.
وعن هند ابن خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بالحكم، فجعل يغمز بالنبي صلى الله عليه وسلم، فرآه فقال: اللهم اجعل به وزغا فرجف وارتعش مكانه» والوزغ: الارتعاش. وفي رواية «فما قام حتى ارتعش» .
وعن الواقدي «استأذن الحكم بن العاص على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف صوته، فقال: ائذنوا له، لعنه الله ومن يخرج من صلبه إلا المؤمنين منهم وقليل ما هم، ذو مكر وخديعة، يعطون الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق»«وكان لا يولد لأحد ولد بالمدينة إلا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فأتي إليه بمروان لما ولد، فقال: هو الوزغ ابن الوزغ، الملعون ابن الملعون» وعلى هذا فهو صحابي إن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه، لأنه يحتمل أنه أتي به إليه صلى الله عليه وسلم فلم يأذن بإدخاله عليه، وربما يدل لذلك قوله هو الوزغ إلى آخره.
وفي كلام بعضهم أن مروان ولد بمكة. وفي كلام بعض آخر أنه ولد بالطائف بعد أن نفي أبوه إلى الطائف: أي ولم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو ليس بصحابي، ومن ثم قال البخاري: مروان بن الحكم لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها قالت لمروان «نزل في أبيك وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١)[القلم: الآية ١٠ و ١١] وقالت له «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأبيك وجدك الذي هو العاص بن أمية: إنهم الشجرة الملعونة في القرآن» ولي مروان الخلافة تسعة أشهر. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لمروان بن الحكم، حيث قال لأخيها عبد الرحمن بن أبي بكر لما بايع معاوية لولده، قال مروان: سنة أبي بكر لما بايع معاوية لولده، قال مروان: سنة أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، فقال عبد الرحمن: بل سنة هرقل وقيصر، وامتنع من البيعة ليزيد بن معاوية، فقال له مروان:
أنت الذي أنزل الله فيك وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما [الأحقاف: الآية ١٧] فبلغ ذلك عائشة، فقالت كذب والله ما هو به، ثم قالت له: أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه.
وعن جبير بن مطعم «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرّ الحكم بن العاص، فقال