للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصابعه، فو الله لو وضع مالك أصبعا من أصابعه على السماء لأذابها، وهؤلاء التسعة عشر هم الرؤساء، ولكل واحد أتباع لا يعلم عدتهم إلا الله تعالى. قال تعالى: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدّثّر: الآية ٣١] أي وهؤلاء الأتباع منهم.

وأخرج هناد عن كعب قال: يؤمر بالرجل إلى النار فيبتدره مائة ألف ملك: أي والمتبادر أن هؤلاء من خزنتها.

وفي كلام بعضهم: لم يثبت لملائكة النار عدد معين سوى ما في قوله تعالى:

عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) [المدّثّر: الآية ٣٠] وإنما ذلك لسقر التي هي إحدى دركات النار، لقوله تعالى قبل ذلك سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) [المدّثّر: الآية ٢٦] وقد يكون على كل واحدة منها مثل هذا العدد أو أكثر. قيل و «بسم الله الرحمن الرحيم» عدد حروفها على عدد هؤلاء الزبانية التسعة عشر، فمن قرأها وهو مؤمن دفع الله تعالى عنه بكل حرف منها واحدا منهم.

أقول: ومن استهزاء أبي جهل أيضا أنه قال يوما لقريش وهو يهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من الحق: يا معشر قريش يخوّفنا محمد بشجرة الزقوم، يزعم أنها شجرة في النار يقال لها شجرة الزقوم، والنار تأكل الشجر، إنما الزقوم التمر والزبد.

وفي لفظ: العجوة تترب بالزبد، هاتوا تمرا وزبدا وتزقموا، فأنزل الله تعالى إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) [الصّافات: الآية ٦٤] أي منبتها في أصل جهنم ولا تسلط لجهنم عليها، أما علموا أن من قدر على خلق من يعيش في النار ويلتذ بها فهو أقدر على خلق الشجر في النار وحفظه من الإحراق بها؟

وقد قال ابن سلام رضي الله تعالى عنه: إنها تحيا باللهب كما يحيا شجر الدنيا بالمطر، وثمر تلك الشجرة مرّ له زفرة. وأخرج الترمذي وصححه النسائي والبيهقي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم فكيف بمن تكون طعامه؟» أي وقال: يا محمد لتتركن سبّ آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد، فأنزل الله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: الآية ١٠٨] فكف عن سبّ آلهتهم، وجعل يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ.

ثم رأيت في الدر المنثور في تفسير إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) [الحجر: الآية ٩٥] قيل نزلت في جماعة مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بهم، فجعلوا يغمزون في قفاه ويقولون. هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبريل، فغمز جبريل عليه الصلاة والسلام بأصبعه في أجسادهم فصارت جروحا وأنتنت، فلم يستطع أحد يدنو منهم حتى ماتوا فلينظر الجمع على تقدير الصحة.

وقد يدّعى أنهم طائفة آخرون غير من ذكر، لأنهم المستهزئون ذلك الوقت،

<<  <  ج: ص:  >  >>