للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلام بعضهم: كانوا في الجاهلية يغسلون موتاهم، وكانوا يكفنونهم ويصلون عليهم. وهو أن يقوم ولي الميت بعد أن يوضع على سريره ويذكر محاسنه كلها ويثني عليه ثم يقول: عليك رحمة الله ثم يدفن، أي وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي ذلك العام عام الحزن، ولزم بيته وأقلّ الخروج، وكانت مدة إقامتها معه صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة على الصحيح.

ويذكر «أنه صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة رضي الله تعالى عنها وهي مريضة فقال لها:

يا خديجة أتكرهين ما أرى منك، وقد يجعل الله في الكرة خيرا؟ أشعرت أن الله قد أعلمني أنه سيزوجني» وفي رواية «أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى وهي التي علمت ابن عمها قارون الكيمياء، وآسية امرأة فرعون، فقالت: آلله أعلمك بهذا يا رسول الله؟» وفي رواية «آلله فعل ذلك يا رسول الله؟ قال نعم، قالت: بالرفاء والبنين» زاد في رواية «أنه صلى الله عليه وسلم أطعم خديجة من عنب الجنة» وقولها بالرفاء والبنين هو دعاء كان يدعى به في الجاهلية عند التزويج، والمراد منه الموافقة والملائمة، مأخوذ من قولهم رفأت الثوب: ضممت بعضه إلى بعض، ولعل هذا كان قبل ورود النهي عن ذلك.

هذا، وفي الإمتاع أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه جاء إلى مجلس المهاجرين الأولين في الروضة فقال رفئوني، فقالوا ماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت عليّ هذا كلامه، ولعل النهي لم يبلغ هؤلاء الصحابة حيث لم ينكروا قوله، كما لم يبلغ سيدنا عمر رضي الله تعالى عنهم.

وفي الشهر الذي ماتت فيه خديجة رضي الله تعالى عنها وهو شهر رمضان بعد موتها بأيام تزوج سودة بنت زمعة، وكانت قبله عند السكران ابن عمها، وهاجر بها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، ثم رجع بها إلى مكة فمات عنها، فلما انقضت عدتها تزوّجها صلى الله عليه وسلم، وأصدقها أربعمائة درهم.

وقد كانت رأت في نومها أن النبي صلى الله عليه وسلم وطئ عنقها فأخبرت زوجها، فقال: إن صدقت رؤياك أموت أنا ويتزوّجك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رأت في ليلة أخرى أن قمرا انقضّ عليها من السماء وهي مضطجعة، فأخبرت زوجها فقال: لا ألبث حتى أموت فمات من يومه ذلك.

وعقد صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله تعالى عنها وهي بنت ست أو سبع سنين في شوّال. فعن خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون قالت «قلت لما ماتت خديجة:

يا رسول الله ألا تتزوج؟ قال: من؟ قلت: إن شئت بكرا، وإن شئت ثيبا، قال: فمن البكر؟ قلت: أحق خلق الله بك، بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، قال: ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>