قبل ذهابها لسودة وعقده عليها، ولا تخفى المخالفة، إلا أن يراد بالعقد على سودة الدخول بها. وفيه أنه لا يحسن ذلك مع قوله قبل ذهابها لسودة.
ولما اشتكى أبو طالب: أي مرض وبلغ قريشا ثقله: أي اشتداد المرض به قال بعضهم لبعض: إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا، فإنا والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا أي يسلبونه، ومنه قولهم: من عزّ بز: أي من غلب أخذ السلب: وهو الثياب التي هي البز. وفي لفظ: إنا نخاف أن يموت هذا الشيخ فيكون منا شيء: أي قتل محمد كما في بعض الروايات، فتعيرنا العرب ويقولون تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه، فمشى إليه أشرافهم منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل وأمية بن خلف وأبو سفيان رضي الله تعالى عنه، فإنه أسلم ليلة الفتح كما سيأتي، وأرسلوا رجلا يدعى المطلب؛ فاستأذن لهم علي أبي طالب فقال: هؤلاء شيخة قومك وسرواتهم يستأذنون عليك، قال أدخلهم؛ فدخلوا عليه فقالوا: يا أبا طالب أنت منا حيث قد علمت. وفي لفظ قالوا: يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا وقد حضرك ما ترى وتخوفنا عليك؛ وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك فادعه وخذ له منا وخذ لنا منه لينكف عنا وننكف عنه، وليدعنا وديننا وندعه ودينه، فبعث إليه صلى الله عليه وسلم أبو طالب فجاءه، ولما دخل صلى الله عليه وسلم على أبي طالب وكان بين أبي طالب وبين القوم فرجة تسع الجالس، فخشي أبو جهل أن يجلس النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الفرجة فيكون أرقى منه؛ فوثب أبو جهل فجلس فيها، فلم يجد النبي صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب أبي طالب، فجلس عند الباب انتهى.
وفي الوفاء أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: خلوا بيني وبين عمي، فقالوا: ما نحن بفاعلين؛ وما أنت بأحق به منا، إن كانت لك قرابة فإن لنا قرابة مثل قرابتك، فقال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي هؤلاء أشراف قومك، وفي لفظ: هؤلاء شيخة قومك وسرواتهم، وقد اجتمعوا لك ليعطوك وليأخذوا منك. وفي لفظ: سألوك النصف، وفي لفظ: أعط سادات قومك ما سألوك، فقد أنصفوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم إن أعطيتكم ما سألتم هل تعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟ أي تطيع وتخضع، فقال أبو جهل: نعم وآتيك عشر كلمات. وفي لفظ لنعطيكها وعشرا معها، فما هي؟ قال:
تقولون لا إله إلا الله وتقلعون عما تعبدون من دونه، فصفقوا بأيديهم ثم قالوا يا محمد أتريد أن تجعل الآلهة إلها واحدا، إن أمرك لعجب، فأنزل الله تعالى ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص الآية ١] إلى آخر الآيات، وفي لفظ قالوا: أيسع لحاجاتنا جميعا إله واحد، وفي لفظ قالوا: سلنا غير هذه الكلمة. وفي لفظ أن أبا طالب قال: يا بن أخي