إخراجها وإلقائها. والذي ينبغي أن يكون نزع تلك العلقة إنما هو في المرة الأولى والواقع في غيرها إنما هو إخراج الأذى، وأنه غير تلك العلقة، وأن المراد به ما يكون في الجبليات البشرية، وتكرر إخراج ذلك الأذى استئصاله ومبالغة فيه، وذكر العلقة في المرة الأولى، وقول الملك هذا حظ الشيطان وهم من بعض الرواة.
«واختلف إليه ميكائيل بثلاث طسات من ماء زمزم، ثم أتى بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا» أي نفس الحكمة والإيمان، لأن المعاني قد تمثل بالأجسام، أو فيه ما هو سبب لحصول ذلك، والمراد كمالهما، فلا ينافي ما تقدم في قصة الرضاع أنه ملئ حكمة وإيمانا. «ووضعت فيه السكينة ثم أطبقه، ثم ختم بين كتفيه بخاتم النبوّة» وتقدم في قصة الرضاع أن في رواية أن الختم كان في قلبه، وفي أخرى أنه كان في صدره، وفي أخرى أنه كان بين كتفيه، وتقدم الكلام على ذلك. وأنكر القاضي عياض شق صدره صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وقال: إنما كان وهو صلى الله عليه وسلم صبي في بني سعد، وهو يتضمن إنكار شقه عند البعثة أيضا، أي والتي قبلها وعمره صلى الله عليه وسلم عشر سنين. ورده الحافظ ابن حجر بأن الروايات تواردت بشق صدره صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة وعند البعثة، أي زيادة على الواقع له صلى الله عليه وسلم في بني سعد، وأبدى لكل من الثلاثة حكمة، وتقدم أنه شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو ابن عشر سنين، وأنه صلى الله عليه وسلم شق صدره وهو ابن عشرين سنة، وتقدم ما فيه.
أقول: ويمكن أن يكون إنكار القاضي عياض لشق صدره صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج على الوجه الذي جاء في بعض الروايات أنه أخرج من قلبه علقة سوداء، وقال الملك:
هذا حظ الشيطان منك لأن هذا إنما كان وهو صلى الله عليه وسلم مسترضع في بني سعد، ويستحيل تكرر إلقاء تلك العلقة، وحمل ذلك على بعض بقايا تلك العلقة السوداء كما قدمناه ينافي قول الملك هذا حظ الشيطان منك، إلا أن يقال المراد أنه من حظ الشيطان أي بعض حظ الشيطان فليتأمل ذلك، والأولى ما قدمناه في ذلك. ثم لا يخفى أنه ورد «غسل صدري» وفي رواية «قلبي» .
وقد يقال: الغسل وقع لهما معا كما وقع الشق لهما معا، فأخبر صلى الله عليه وسلم بإحداهما مرة وبالأخرى أخرى، أي وتقدم في مبحث الرضاع في رواية شق بطنه صلى الله عليه وسلم ثم قلبه، وفي أخرى شق صدره ثم قلبه، وفي أخرى الاقتصار على شق صدره، وفي أخرى الاقتصار على شق قلبه، وتقدم أن المراد بالبطن الصدر، وليس المراد بأحدهما القلب.
وفي كلام غير واحد ما يقتضي أن المراد بالصدر القلب، ومن ثم قيل: هل شق صدره وغسله مخصوص به صلى الله عليه وسلم، أو وقع لغيره من الأنبياء؟.
وأجيب بأنه جاء في قصة تابوت بني إسرائيل الذي أنزله الله تعالى على آدم