وذكر أن سبب ذبح إسحق أي على القول بأنه الذبيح أن الخليل قال لسارة إن جاءني منك ولد فهو لله ذبيح، فجاءت سارة بإسحق، وكان بينه وبين ولادة هاجر لإسمعيل ثلاث عشرة أو أربع عشرة سنة، وإسحق اسمه بالعبرانية الضحاك. وجاء في حديث راويه ضعيف «الذبيح إسحق» وأن داود سأل ربه فقال أي ربي اجعلني مثل آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب، فأوحى الله إليه إني ابتليت إبراهيم بالنار فصبر، وابتليت إسحق بالذبح فصبر، وابتليت يعقوب: أي بفقد ولده يوسف فصبر الحديث.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا [الصافات:
الآية ١١٢] قال بشر به نبيا حين فداه الله تعالى من الذبح، ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده: أي لما صبر الأب على ما أمر به وسلم الولد لأمر الله تعالى جعلت المجازاة على ذلك بإعطاء النبوة. قال الحافظ السيوطي: وجزم بهذا القول عياض في الشفاء، والبيهقي في التعريف والإعلام، وكنت ملت إليه في علم التفسير، وأنا الآن متوقف عن ذلك أي كون إسحق هو الذبيح، هذا كلامه. وقد تنبأ كل من إسمعيل وإسحق ويعقوب في حياة إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، فبعث الله إسمعيل لجرهم، وإسحق إلى أرض الشام، ويعقوب إلى أرض كنعان. ولا ينافي ذلك أي كون إسحق هو الذبيح تبسمه صلى الله عليه وسلم من قول القائل له يا ابن الذبيحين ولم ينكر عليه، لأن العرب كما تقدم تسمي العمّ أبا.
وفي الهدى: إسمعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما القول بأنه إسحق فمردود بأكثر من عشرين وجها. ونقل عن الإمام ابن تيمية أن هذا القول متلقى من أهل الكتاب مع أنه باطل بنص كتابهم الذي هو التوراة، فإن فيه أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره. وفي لفظ وحيده، وقد حرفوا ذلك في التوراة التي بأيديهم اذبح ابنك إسحق، أي ومن ثم ذكر المعافى بن زكريا أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا أسلم من علماء اليهود أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين إن اليهود يعلمون أنه إسمعيل، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب أن يكون أباكم للفضل الذي ذكره الله تعالى عنه، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحق لأن إسحق أبوهم، ولي رسالة في ذلك سميتها «القول المليح في تعيين الذبيح» رجحت فيها القول بأن الذبيح إسمعيل جوابا عن سؤال رفعه إلي بعض الفضلاء.
وعلى أن الذبيح إسمعيل فمحل الذبح بمنى. وعلى أنه إسحق فمحله معروف بالأرض المقدسة على ميلين من بيت المقدس.
وفي كلام ابن القيم تأييد كون الذبيح إسمعيل لا إسحق، ولو كان الذبيح