للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية «أنه لما لحق بهم قال صلى الله عليه وسلم: اللهم اصرعه فصرع عن فرسه، فقال:

يا نبي الله مرني بما شئت، قال: تقف مكانك لا تتركنّ أحدا يلحق بنا» .

ثم لا يخفى أن صرعه عن فرسه يحتمل أن يكون لما ساخت. ويحتمل أنه صرع عنها قبل ذلك وهو ظاهر سياق الرواية الأولى وهي: فعثرت بي فرسي فخررت عنها. وحينئذ يكون عثورها بدعائه صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

قال سراقة «فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، لأنه وقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

وفي السبعيات «قال سراقة: يا محمد إني لأعلم أنه سيظهر أمرك في العالم؛ وتملك رقاب الناس، فعاهدني أني إذا أتيتك يوم ملكك فأكرمني، فأمر عامر بن فهيرة، أي وقيل أبا بكر فكتب لي في رقعة من أدم، أي وقيل في قطعة من عظم، وقيل في خرقة» .

أقول: وحينئذ يمكن أن يكون كتب عامر بن فهيرة أولا فطلب سراقة أن يكون أبو بكر هو الذي يكتب، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة ذلك، فأحدهما كتب في الرقعة من الأدم، والآخر كتب في العظم أو الخرقة. أو المراد بالخرقة الرقعة من الأدم، فلا مخالفة.

«ولما أراد الانصراف قال له: يكف بك يا سراقة إذا تسورت بسواري كسرى؟

قال كسرى بن هرمز؟ قال نعم» وسيأتي أن سراقة أسلم بالجعرانة، ولما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بها قال له مرحبا بك.

وعن سراقة «لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين والطائف خرجت ومعي الكتاب لألقاه، فلقيته بالجعرانة، فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار، فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون إليك، ماذا تريد؟ قال: فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت: يا رسول الله هذا كتابي وأنا سراقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم وفاء وبشر، أدنه، فدنوت منه وأسلمت» .

ولما جيء لعمر رضي الله تعالى عنه في زمن خلافته بسواري كسرى وتاجه ومنطقته أي وبساطه وكان ستين ذراعا في ستين ذراعا، منظوما باللؤلؤ والجواهر الملونة على ألوان زهر الربيع، كان يبسط له في إيوانه ويشرب عليه إذا عدمت الزهور- وجيء له بمال كثير من مال كسرى وبنات كسرى وكنّ ثلاثا وعليهنّ الحليّ والحلل والجواهر ما يقصر اللسان عن وصفه. وعند ذلك دعا سراقة وقال: ارفع يديك وألبسه السوارين وقال له: قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز الذي كان يقول: أنا رب الناس، وألبسهما سراقة بن مالك: أي ورفع عمر بها صوته

<<  <  ج: ص:  >  >>