للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث ضعيف أن حمص من مدن الجنة، وقيل الحزاء هو الكاهن، وقيل هو الذي يحزر الأشياء ويقدرها بظنه، ويقال للذي ينظر في النجوم فإنه ينظر فيها بظنه فربما أخطأ: أي لأن من علوم العرب الكهانة والعيافة والقيافة والزجر والخط:

أي الرمل والطب، ومعرفة الأنواء ومهابّ الرياح.

فلما رجع عبد المطلب إلى مكة تزوج هالة بنت وهيب بن عبد مناف فولدت له حمزة وصفية وزوّج ابنه عبد الله آمنة بنت وهب أخي وهيب فولدت له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم، فكات قريش تقول فلج عبد الله على أبيه: أي فاز وظفر لأن الفلج بالفاء واللام المفتوحتين والجيم الفوز والظفر، أي فاز وظفر بما لم ينله أبوه من وجود هذا المولود العظيم الذي وجد عند ولادته ما لم يوجد عند ولادة غيره.

أي وفي كلام ابن المحدّث أن عبد المطلب خطب هالة بنت وهيب عم آمنة في مجلس خطبة عبد الله لآمنة وتزوّجا وأولما ثم ابتنيا بهما. ثم رأيت في أسد الغابة ما يوافقه، وهو أن عبد المطلب تزوج هو وعبد الله في مجلس واحد، قيل: وفيه تصريح بأن عبد الله كان موجودا حين قال الحبر لعبد المطلب إن النبوة موجودة فيه، وكيف تكون موجودة فيه مع انتقالها لعبد الله؟ وقد يقال، من أين أن عبد المطلب تزوج هالة عقب مجيئه من عند الحبر حتى يكون قول الحبر لعبد المطلب صادرا بعد وجود عبد الله؟ جاز أن يكون ذلك صدر من الحبر لعبد المطلب قبل ولادة عبد الله.

وفيه أن هذا لا يحسن إلا لو كانت أم عبد الله من بني زهرة، إلا أن يقال يجوز أن يكون عبد الله وجد من بني زهرة لجواز أن يكون عبد المطلب تزوج من بني زهرة غير هالة فأولدها عبد الله.

ثم إن قول الحبر لعبد المطلب: إنه يجد في إحدى يديه الملك وإنه يكون في بني زهرة مشكل أيضا، لأن الملك لم يكن إلا في أولاد ولده العباس، ولا يستقيم إلا لو كانت أم العباس من بني زهرة. أما هالة التي هي أم حمزة أو غيرها وأم العباس ليست من بني زهرة، خلافا لما وقع في كلام بعضهم أن العباس ولدته هالة فهو شقيق حمزة لأنه خلاف ما اشتهر عن الحافظ، إلا أن يقال جاز أن يكون الملك والنبوة اللذان عناهما الحبر هما نبوته وملكه صلى الله عليه وسلم، لأنه صلى الله عليه وسلم أعطيهما: أي كلا من الملك والنبوة المنتقلين إليه من أبيه عبد الله، بناء على أن أم عبد الله من بني زهرة، ولعله لا ينافيه قول بعضهم: تزوج عبد المطلب فاطمة بنت عمرو وجعل مهرها مائة ناقة ومائة رطل من الذهب، فولدت له أبا طالب وعبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه يجوز أن تكون فاطمة هذه من بني زهرة، وحينئذ لا يشكل قول الحبر: إذا تزوجت فتزوج منهم: أي من بني زهرة بعد قوله: ألك شاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>