في الإسلام لعموم المسلمين، فلا ينافي أنه بني قبله غيره من المساجد لكن لخصوص الذي بناه كالمسجد الذي بناه الصديق بفناء داره بمكة كما تقدم انتهى.
أي وفي كلام ابن الجوزي: أول من بنى مسجدا في الإسلام عمار بن ياسر.
وفي السيرة الهشامية عن الحكم بن عيينة «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قباء قال عمار بن ياسر: ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بد من أن يجعل له مكانا يستظل به إذا استيقظ ويصلي فيه، فجمع حجارة فبنى مسجد قباء» أي فإنه لما جمع الحجارة أسسه صلى الله عليه وسلم واستتم بنيانه عمار، فعمار أول من بنى مسجدا لعموم المسلمين.
قال: وعن جابر «لبثنا بالمدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، نعمر المساجد، ونقيم الصلاة» انتهى.
ونعمر يحتمل أن يكون بالتخفيف فيكون عطف نقيم الصلاة من عطف التفسير. ويحتمل أن يكون بالتشديد فيكون بناء المساجد تعدد في المدينة قبل قدومه صلى الله عليه وسلم.
وفيه أن الحافظ ابن حجر قال: كان بين ابتداء هجرة الصحابة وبين هجرته صلى الله عليه وسلم شهران ونصف شهر على التحرير كما تقدم، أي ورواية جابر تدل على أنه كان بين اجتماع الاثني عشر من الأنصار به صلى الله عليه وسلم ومجيئهم إلى المدينة وبين قدومه صلى الله عليه وسلم للمدينة سنتان.
وقد يقال: ليس مراد جابر أن ابتداء المدة من قدوم الاثني عشر عليه، بل مراده أن ابتداءها من قدوم الستة عليه الذين منهم جابر، والمدة تزيد على السنتين فليتأمل. وهو: أي مسجد قباء أول مسجد صلى فيه صلى الله عليه وسلم بأصحابه جماعة ظاهرين أي آمنين.
وقيل: إن هذا المسجد بناه المهاجرون والأنصار يصلون فيه، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وورد قباء صلى فيه ولم يحدث فيه شيئا.
ويخالفه ما تقدم عن السيرة الهشامية، وما في الطبراني بسند رجاله ثقات، عن الشموس بفتح الشين المعجمة بنت النعمان رضي الله تعالى عنها قالت «نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم ونزل وأسس المسجد مسجد قباء، فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يصهره الحجر» أي يتبعه «فيأتي الرجل من أصحابه فيقول: يا رسول الله بأبي أنت وأمي تعطيني أكفك. فيقول: لآخذ مثله حتى أسسه.
أي وجاء «أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد بناءه قال: يا أهل قباء ائتوني بأحجار من الحرة، فجمعت عنده أحجار كثيرة، فخط القبلة وأخذ حجرا فوضعه، ثم قال: يا أبا بكر خذ بحجر فضعه إلى جنب حجري، ثم قال: يا عمر خذ حجرا فضعه إلى جنب