للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه فانتهرني، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعها» وفي رواية «قال أبو بكر بمزمور» وفي رواية «بمزمار» وفي لفظ «بمزمارة الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذلك مرتين وانتهرني، وكان صلى الله عليه وسلم متغشيا بثوبه، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه الشريف، فقال: دعها يا أبا بكر فإنها أيام عيد» أي لأن تلك كانت أيام منى.

وقيل كان يوم عيد الفطر. وقيل الأضحى، ولا مانع من تعدد الواقعة.

أقول: في البخاري عن الربيّع بنت معوّذ «أنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها غداة بنى عليها وعندها جويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر، حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين» .

وفي حديث أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف، فقال لها: إن كنت نذرت فاضربي، فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحتها وقعدت عليه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليفرق منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب ودخل أبو بكر وهي تضرب، فلما دخلت أنت ألقت الدف» أي وإذا كان الشيطان يخاف منك فما بالك بامرأة ضعيفة العقل.

ولا ينافي هذا: أي سماعه الغناء من المرأة مع الضرب على الدف ما تقدم في باب ما حفظ به صلى الله عليه وسلم في صغره من أمر الجاهلية، لأن الدف ثم كان معه مزمار بخلافه هنا، وتسمية أبي بكر رضي الله تعالى عنه الدف مزمارا، لأنه كان يعتقد حرمة ذلك، فشبهه بالمزمار المحرم سماعه.

قال بعضهم: واعلم أن السماع في طريق القوم معروف وفي الجواذب إلى المحبة معدود وموصوف. وقال بعض آخر: إنه من أكبر مصايد النفوس أي والرجوع بها إلى الله تعالى. وقد شوهد تأثير السماع في الحيوانات غير الناطقة بل في الأشجار، ومن لم يحركه السماع فهو فاسد المزاج غليظ الطبع.

وعن أبي بشير: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر مرّا بالحبشة وهم يلعبون ويرقصون ويقولون:

يا أيها الضيف المعرج طارقا ... لولا مررت بآل عبد الدار

لولا مررت بهم تريد قراهم ... منعوك من جهد ومن إقتار

أي ولم ينكر عليهم، وبه استدل أئمتنا على جواز الرقص حيث خلا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>