غلامك؟ قال نعم، قالوا والبعير بعيرك؟ قال نعم، قالوا: فأنت كتبت هذا الكتاب؟
فقال: لا، وحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به ولا علم لي به، فقال له عليّ: والخاتم خاتمك، قال نعم، قال: فكيف يخرج غلامك ببعيرك وبكتابك عليه ختمك وأنت لا تعلم به؟ فحلف بالله ما أمرت بهذا الكتاب ولا وجهت هذا الغلام إلى مصر، فعرفوا أنه خط مروان لا عثمان، لأن عثمان لا يحلف باطلا: وفي رواية: الخط خط كاتبي، والخاتم خاتمي. وفي رواية: انطلق الغلام بغير أمري وأخذ الجمل بغير علمي، قالوا: فما نقش خاتمك؟ قال: نقش عليه مروان، فسألوه أن يدفع لهم مروان وكان مروان عنده في الدار فأبى، فخرجوا من عنده غضابا، وقالوا لا يبرأ عثمان إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحث ونعرف حال الكتاب، فإن كان عثمان أمر به عزلناه، وإن كان مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون في أمر مروان، فأبى عثمان أن يخرج إليهم مروان خوفا عليه من القتل، فحوصر عثمان بسبب ذلك، ومنعوه الماء ووقع ما تقدم.
وذكر ابن الجوزي أنه لما دخل المصريون على عثمان رضي الله عنه والمصحف في حجره يقرأ فيه، فمدوا إليه أيديهم، فمد يده فضربت فسال الدم.
وقيل: وقعت قطرة على فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: الآية ١٣٧] فقال:
أما إنها أول يد خطت المفصل هذا كلامه: أي وهذا من أعلام النبوة. فقد أخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يا عثمان تقتل وأنت تقرأ سورة البقرة، فتقع قطرة من دمك على فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ [البقرة: الآية ١٣٧] قال الذهبي: إنه حديث موضوع: أي قوله فيه وأنت تقرأ إلى آخره.
وروي أنه لما حوصر قال: والله ما زينت في جاهلية ولا إسلام، ولا تمنيت أن لي بديني بدلا منذ هداني الله، ولا قتلت نفسا فيم تقتلونني؟ وقال وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩)[هود: الآية ٨٩] يا قوم لا تقتلوني، إنكم إن قتلتموني كنتم هكذا وشبك بين أصابعه، وقال معددا لنعم الله تعالى عليه: ما وضعت يدي على فرجي منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مرت بي جمعة منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة إلا أن لا يكون عندي شيء فأعتقها بعد ذلك، قال بعضهم: وجملة من أعتقه عثمان ألفان وأربعمائة رقبة تقريبا.
وذكر أنه رأى في الليلة التي قتل في يومها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر في المنام وقالوا له: اصبر فإنك تفطر عندنا الليلة القابلة، فلما أصبح دعا بالمصحف فنشره بين يديه ولبس السراويل، ولم يكن لبسها قبل ذلك في الجاهلية ولا في الإسلام خوفا أن يطلع على عورته عند قتله.