للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالد، وكان خالد من جملة من خرج من مكة فارّا لئلا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كراهة الإسلام وأهله، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد عنه، وقال «لو أتانا خالد لأكرمناه، وما مثله يجهل الإسلام» فكتب له أخو الوليد بذلك، وفي مدة حبس الوليد كان صلى الله عليه وسلم في كل ليلة إذا صلى العشاء الآخرة قنت في الركعة الأخيرة يقول «اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم انج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج هشام بن العاص، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم أشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين مثل سني يوسف، فأكلوا العلهز؛ ثم لم يزل يدعو للمستضعفين حتى نجاهم الله» أي بعد أن نجى عياشا وهشاما والوليد.

أقول: هذه الرواية تدل على أنه كان يدعو بما ذكر في الركعة الأخيرة من العشاء الآخرة. وفي البخاري أن ذلك كان في الركعة الأخيرة من الصبح.

وقد يقال: لا مخالفة، لأنه كان صلى الله عليه وسلم تارة يدعو في الركعة الأخيرة من صلاة العشاء الآخرة، وتارة في الركعة الأخيرة من الصبح، أو كان يدعو بذلك فيهما وكل روى بحسب ما رأى، والله أعلم.

ثم لا زال المهاجرون والأنصار يتوارثون بذلك الإخاء دون القرابات إلى أن نزل قوله تعالى في وقعة بدر وَأُولُوا الْأَرْحامِ [الأنفال: الآية ٧٥] أي القرابات بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ [الأنفال: الآية ٧٥] أي في الإرث فِي كِتابِ اللَّهِ [الأنفال: الآية ٧٥] أي اللوح المحفوظ فنسخت ذلك، أي لأنه كان الغرض من المؤاخاة ذهاب وحشة الغربة ومفارقة الأهل والعشيرة، وشدّ أزر بعضهم ببعض؛ فلما عزّ الإسلام، واجتمع الشمل، وذهبت الوحشة، بطل التوارث، ورجع كل إنسان إلى نسبة وذوي رحمه: أي ومن ثم قيل لزيد بن حارثة زيد بن حارثة: أي بعد أن كان يقال له زيد بن محمد، وكانت المؤاخاة بعد الهجرة بخمسة أشهر، وقيل غير ذلك.

أقول: تقدم أن سبب امتناع أن يقال زيد بن محمد نزول قوله تعالى ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ [الأحزاب: الآية ٥] أي ومن ثم قيل للمقداد بن عمرو، وكان يقال له المقداد بن الأسود، لأن الأسود كان تبناه في الجاهلية، ومن لم يعرف أبوه ردّ إلى مواليه؛ ومن ثم قيل لسالم مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بعد أن كان يقال له سالم بن أبي حذيفة، فكان أبو حذيفة يرى أنه ابنه، ومن ثم أنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة.

وجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو امرأة أبي حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا، وكان يدخل عليّ وقد بلغ ما يبلغ الرجال، وإنه يدخل عليّ، وأظن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا فماذا ترى فيه؟

فقال: أرضعيه تحرمي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>