للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه» كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

وفي كلام الحافظ ناصر الدين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة يوم عاشوراء، فإذا اليهود صيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا؟ قالوا: هذا يوم أغرق الله تعالى فيه فرعون وأنجى فيه موسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أولى بموسى، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصومه» هذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم.

والمدينة يحتمل أن المراد بها قباء، ويحتمل أن المراد بها باطنها، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فلما فرض رمضان قال صلى الله عليه وسلم أي لأصحابه، من شاء صامه ومن شاء تركه، أي قال ذلك لهم خشية اعتقادهم وجوب صومه كوجوب صوم رمضان.

وفي كونه صلى الله عليه وسلم وجدهم صائمين لذلك اليوم إشكال، لأن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم كما تقدم، أو هو اليوم التاسع منه كما يقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فكيف يكون في ربيع الأول.

وأجيب بأن السنة عند اليهود شمسية لا قمرية، فيوم عاشوراء الذي كان عاشر المحرم واتفق فيه غرق فرعون لا يتقيد بكونه عاشر المحرم، بل اتفق في ذلك الزمن: أي زمن قدومه صلى الله عليه وسلم وجود ذلك اليوم بدليل سؤاله صلى الله عليه وسلم، إذ لو كان ذلك اليوم يوم عاشوراء ما سأل.

ومما يدل على ذلك ما في المعجم الكبير للطبراني عن خارجة بن زيد، قال ليس يوم عاشوراء اليوم الذي تقوله الناس؟ إنما كان يوم تستر في الكعبة، وتلعب فيه الحبشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يدور في السنة، وكان الناس يأتون فلانا اليهودي فيسألونه، فلما مات اليهودي أتوا زيد بن ثابت فسألوه، فصام صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم وأمر بصيامه، حتى إنه أرسل في ذلك اليوم أسلم بن حارثة إلى قومه وهم أسلم وقال: مر قومك بصيام عاشوراء، فقال: أرأيت إن وجدتهم قد طعموا؟ قال: فليتموا أي يمسكوا تعظيما لذلك اليوم.

وفي دلائل النبوة للبيهقي عن بعض الصحابيات قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم يوم عاشوراء ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو يوم عاشوراء بالرضعاء فيتفل في أفواههم ويقول للأمهات لا ترضعنهن إلى الليل» .

والظاهر أن المراد بيوم عاشوراء هذا اليوم الذي هو عاشر المحرم الهلالي لا الشمسي، وكذا يقال في قوله وقيل سمي الخ فليتأمل.

وقيل: سمي يوم عاشوراء لأن عشرة من الأنبياء أكرمهم الله تعالى فيه بعشر

<<  <  ج: ص:  >  >>