للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبعيره وزعم أنه شارد؛ وجلس إليهن بهذه العلة، فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث إليهن، فأعرض عنه وعنهن، فلما أسلم سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك البعير وهو يتبسم. وكسر أيضا الحارث بن الصمة.

وبعث له صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد رضي الله تعالى عنهم يتحسسان خبر العير. والتحسس للأخبار بالحاء المهملة: أن يفحص الشخص عن الأخبار بنفسه، وبالجيم: أي يفحص عنها بغيره. وجاء «تحسسوا ولا تجسسوا» ولم يحضرا لهذا القتال، بل رجعا بخبر العير إلى المدينة على ظن أنه صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فلما علما أنه ببدر خرجا إليه فلقياه منصرفا من بدر، وأسهم لكل وصار كل من أسهم له يقول «وأجري يا رسول الله؟ فيقول: وأجرك. ودفع صلى الله عليه وسلم اللواء وكان أبيض إلى مصعب بن عمير، وكان أمامه صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوتان: إحداهما مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، أي ويقال لها العقاب، وكانت من مرط لعائشة» .

وفي كلام بعضهم: كان أبو سفيان بن حرب من أشراف قريش وكانت إليه راية الرؤساء المعروفة بالعقاب، وكان لا يحملها في الحرب إلا هو أو رئيس مثله، وسيأتي أنه حملها في هذه الغزوة الأب الخامس لإمامنا الشافعي وهو السائب بن يزيد «والأخرى مع بعض الأنصار» وابن قتيبة اقتصر على الأولى. وذكر بعضهم أن بعض الأنصار هذا قيل هو سعد بن معاذ، وقيل الحباب بن المنذر، وهذا يردّ ما تقدم في غزوة بواط عن ابن إسحاق، وما سيأتي في غزوة بني قينقاع. عن ابن سعد أن الرايات لم تكن وجدت وإنما حدثت يوم خيبر.

ومما يؤيد الرد ما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عليا كرم الله وجهه الراية يوم بدر وهو ابن عشرين سنة» وفي الهدى أن لواء المهاجرين كان من مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ، ولم يذكر الرايتين.

وفي الإمتاع أنه صلى الله عليه وسلم عقد الألوية وهي ثلاثة، لواء يحمله مصعب بن عمير، ورايتان سوداوتان: أحداهما مع علي، والأخرى مع رجل من الأنصار وفيه إطلاق اللواء على الراية، وقد تقدم أن جماعة من أهل اللغة صرحوا بترادف اللواء والراية.

وكان صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة على غير لواء معقود. وقال في الأصل: والمعروف أن سعد بن معاذ كان على حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش أي كما سيأتي، قال أي جوابا عما تقدم عن الأصل العريش كان ببدر؛ أي وهذا كان عند خروجهم وفي الطريق، فلا منافاة أي لأنه يجوز أن يكون في بدر دفع الراية لغيره بإذنه صلى الله عليه وسلم ليكون معه في العريش ولبس صلى الله عليه وسلم درعه ذات الفضول، وتقلد صلى الله عليه وسلم سيفه العضب.

<<  <  ج: ص:  >  >>