بالأبواء نحر لهم مقيس بن عمرو الجمحي تسع جزائر أي ويقال إن الذي نحر لهم بالأبواء نبيه ومنبه ابنا الحجاج عشرا، ونحر لهم العباس بن عبد المطلب عشر جزائر، ونحر لهم الحارث بن عامر بن نوفل تسعا، ونحر لهم أبو البختري على ماء بدر عشر جزائر، ونحر لهم مقيس الجمحي على ماء بدر تسعا، أي ثم شغلهم الحرب فأكلوا من أزوادهم، ثم مضى رجلان من الصحابة أي قبل وصوله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، وكذا قبل وصول قريش إلى بدر كما يدل عليه الكلام الآتي خلاف ما يدل عليه هذا السياق إلى ماء بدر «فنزلا قريبا منه عند تلّ هناك، ثم أخذا شنا لهما يستقيان فيه وشخص على الماء وإذا جاريتان يتلازمان: أي يتخاصمان، وتمسك إحداهما الأخرى على الماء، والملزومة تقول لصاحبتها إنما يأتي العير غدا أو بعد غد. فأعمل لهم وأقضيك الذي لك، فقال ذلك الرجل الذي على الماء صدقت، ثم خلص بينهما، وسمع ذلك الرجلان فجلسا على بعيرهما، ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بما سمعا ثم إن أبا سفيان تقدم العير حذرا حتى ورد الماء، فلقي ذلك الرجل، فقال له: هل أحسست أحدا؟ قال: ما رأيت أحدا أنكره إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل، ثم استقيا في شنّ لهما ثم انطلقا» .
فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيرهما ففتته، فإذا فيه النوى، فقال:
والله علائف يثرب، فرجع إلى أصحابه سريعا فصوّب عيره عن الطريق وترك بدرا بيسار، وانطلق حتى أسرع، فلما علم أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش، أي وقد كان بلغه مجيئهم ليحرزوا العير وكانوا حينئذ بالجحفة إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، وقد نجاها الله تعالى فارجعوا، فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نحضر بدرا فنقيم عليه ثلاثة أيام، فلا بد أن ننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان أي تضرب بالمعازف: أي الملاهي، وقيل الدفوف، وقيل الطنابير وقيل نوع منها يتخذه أهل اليمن، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها وسيأتي في غزاة بدر الموعد أن موسم بدر يكون عند هلال ذي القعدة في كل عام يمكث ثمانية أيام، ويبعد إرادة ذلك لأبي جهل أي إقامتهم ببدر بقية رمضان وتمام شوّال.
قال «ولما أرسل أبو سفيان يقول لقريش ما تقدم، أي ورد عليه أبو جهل بما ذكر قال: هذا بغي، والبغي منقصة وشؤم وعند ذلك رجع منهم بنو زهرة وكانوا نحو المائة انتهى» أي وقيل ثلاثمائة، وقائدهم كان الأخنس بن شريق.
وفي كلام ابن الأثير «فلم يقتل منهم» أي من بني زهرة أحد «ببدر» وفي كلام غيره «ولم يشهد بدر أحد من بني زهرة إلا رجلان قتلا كافرين، فإن الأخنس قال لبني زهرة يا بني زهرة قد نجى الله أموالكم، وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن