للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال «قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب» أي ثم وهبه العباس له صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليه في السرايا، وكان العباس رضي الله تعالى عنه أسلم وأسلمت زوجته: أي أم الفضل، قيل إنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة كما تقدم، وهي أم أولاده، وهم: عبد الله؛ وعبيد الله، وعبد الرحمن، والفضل، وقثم، ومعبد، وأمّ حبيب.

قيل رآها صلى الله عليه وسلم وهي تدب بين يديه فقال: إن بلغت وأنا حي تزوجتها فقبض صلى الله عليه وسلم قبل أن تبلغ قال ابن الجوزي: فليس في الصحابيات من كنيتها أم الفضل إلا زوج العباس، قال أبو رافع: وأسلمت أنا وكنا نكتم الإسلام أي لأن العباس كان يكره خلاف قومه، لأنه كان ذا مال كثير وأكثره متفرق فيهم، أي وسيأتي الجواب عن كونه أسر وأخذ منه الفداء مع كونه مسلما، وسيأتي أنه لم يظهر إسلامه إلا يوم الفتح.

فلما جاء الخبر عن مصاب قريش ببدر سرّنا ذلك، فو الله إني لجالس إذ أقبل أبو لهب يجرّ رجليه بشر حتى جلس عندنا، فبينا هو جالس إذ قدم أبو سفيان بن الحارث وكان مع قريش في بدر، فقال له أبو لهب: هلمّ إلي عندك الخبر، فقال:

والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا ويأسروننا كيف شاؤوا، وأيم والله ما لمت الناس، لقينا رجال بيض على خيل بلق بين السماء والأرض، والله ما يقوم لها شيء، قال أبو رافع: فقلت والله تلك الملائكة، فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة وثاورته: أي وأثبته: أي قام كل للآخر فاحتملني وضرب بي الأرض، ثم برك علي يضربني، فقامت أم الفضل إلى عمود وضربته به ضربة في رأسه أثرت شجة منكرة، وقالت: استضعفته أن غاب سيده، تعني العباس، فقام موليا ذليلا، فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رمي بالعدسة: أي ما عاش صحيحا قبل أن يرمى بالعدسة إلا سبع ليال: أي وهي بثرة تشبه العدسة من جنس الطاعون، قتلته، فلم يحفروا له حفيرة ولكن أسندوه إلى الحائط وقذفوا عليه الحجارة خلف الحائط حتى واروه، أي لأن العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها، ويرون أنها تعدي أشد العدوى، فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه وبقي بعد موته ثلاثة أيام لا تقرب جنازته ولا يحاول دفنه حتى أنتن، فلما خافوا السبة: أي سب الناس لهم في تركه فعلوا به ما ذكر.

وفي رواية: حفروا له، ثم دفعوه بعود في حفيرته وقذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه. وعن عائشة رضي الله تعالى عنها «أنها كانت إذ مرت بموضعه، ذلك غطت وجهها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>