للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المرة الثالثة التي كانت عقب الأحزاب، وإن إرسال عمرو بن أمية وإسلام عمرو بن العاص على يد النجاشي كان في هذه المرة الثالثة.

وحينئذ لا يشكل إرسال عمرو بن أمية للنجاشي، لأنه كان مسلما حينئذ، فيكون ذكر مجيء عمرو بن أمية إلى النجاشي في المرة الثانية التي كانت عقب بدر اشتباه من بعض الرواة وكذا ذكر إسلام عمرو بن العاص على يد النجاشي في المرة الثانية من تخليط بعض الرواة.

ثم رأيته في «الإمتاع» قال: وقد رويت قصة الهجرة إلى الحبشة وإسلام النجاشي من طرق عديدة مطولة ومختصرة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل عمرو بن أمية الضمري في أموره لأنه كان من رجال النجدة، أي ومعلوم أنه كان لا يرسله إلا بعد إسلامه، وإسلامه قد علمت أنه كان سنة أربع. وفي الأصل أنه صلى الله عليه وسلم أرسله إلى مكة بهدية لأبي سفيان بن حرب.

أي ولعل المراد بذلك ما حكاه بعض الصحابة قال «دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح وقال لي:

التمس صاحبا، قال: فجاءني عمرو بن أمية، فقال: بلغني أنك تريد الخروج إلى مكة وتلتمس صاحبا، قلت: أجل، قال: فأنا لك صاحب، قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: وجدت صاحبا، فقال: من؟ قلت: عمرو بن أمية الضمري، فقال: إذ هبط بلاد قومه فاحذروه، فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه، وقد أسلم عبد الله ولده قبل أبيه عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، روي «أنه صلى الله عليه وسلم قال فيهما وفي أم عبد الله: نعم البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله» وكان صلى الله عليه وسلم يفضل عبد الله على أبيه، لأنه كان من عباد الصحابة وزهادهم وفضلاهم وعلمائهم، ومن أكثرهم رواية.

وذكر ابن مرزوق رحمه الله «أن ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما مر ببدر فإذا رجل يعذب ويئنّ، فناداه يا عبد الله، قال: فالتفت إليه، فقال: اسقني، فأردت أن أفعل فقال الأسود الموكل بتعذيبه: لا تفعل يا عبد الله، فإن هذا من المشركين الذين قتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الطبراني في الأوسط. زاد السيوطي في الخصائص «فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم» فأخبرته قال: أو قد رأيته؟ قلت نعم، قال: ذاك عدوّ الله أبو جهل، وذاك عذابه إلى يوم القيامة» .

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الشعبي «أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني مررت ببدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض فيضربه رجل بمقمعة حديد» وفي لفظ «بعمود حديد حتى يغيب في الأرض، ثم يخرج فيفعل به مثل ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك أبو جهل يعذب إلى يوم القيامة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>