للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ [الأحزاب: الآية ٣٧] الآية، فهذه الآية نزلت في زيد رضي الله عنه وقد قالها صلى الله عليه وسلم في حق ولده أسامة، فقد جاء «أحب أهلي إليّ من أنعم الله وأنعمت عليه أسامة بن زيد وعلي بن أبي طالب» فنعمة الله على زيد وعلى ولده أسامة الإسلام. ونعمة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما العتق، لأن عتق أبيه عتق له تأمل.

وإنما توجه هذا العتب أي لأن الله تعالى كان أعلم نبيه أن زينب ستكون من أزواجه صلى الله عليه وسلم، فلما شكا إليه زيد قال له أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ [الأحزاب: الآية ٣٧] وأخفى منه في نفسه ما الله مبديه ومظهره، وهو ما أعلمه الله به من أنك ستتزوّجها، فالذي أخفاه ما كان الله أعلمه به وَتَخْشَى النَّاسَ [الأحزاب: الآية ٣٧] أي اليهود والمنافقين أن يقولوا تزوج امرأة ابنه وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ [الأحزاب: الآية ٣٧] في إمضاء ما أحبه ورضيه لك وأعطاك إياه.

وقد جعل الله تعالى طلاق زيد لها وتزوّج النبي صلى الله عليه وسلم إياها لإزالة حرمة التبني.

قال تعالى لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ [الأحزاب: الآية ٣٧] .

وأو لم صلى الله عليه وسلم عليها بما لم يولم به على نسائه وذبح شاة وأطعم، فخرج الناس وبقي رجال يتحدّثون في البيت بعد الطعام، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ففي البخاري «فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون» وفي البخاري أيضا «فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته كيف وجدت أهلك، بارك الله لك، ثم دخل حجر نسائه كلهنّ يقول كما قال لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة. ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم فوجد القوم في البيت يتحدثون قال أنس رضي الله تعالى عنه: وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء، فخرج فطلبها إلى حجرة عائشة، فأخبر أن القوم خرجوا، فرجع حتى وضع رجله في أسكفة البيت داخله وأخرى خارجه أرخى الستر بيني وبينه فنزلت آية الحجاب» . قال في الكشاف وهي أدب الله تعالى به الثقلاء.

وفي مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت «خرجت سودة بعد ما ضرب علينا الحجاب تقضي حاجتها أي بالمناصع: محل كان أزواجه صلى الله عليه وسلم يخرجن إليه بالليل للتبرز، وكانت امرأة جسيمة، فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين، فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ليتعشى وفي يده عرق، فدخلت، فقالت: يا رسول الله إني خرجت، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحى الله تعالى إليه، ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: إنه قد أذن لكنّ أن تخرجن لحاجتكن» وكان قول عمر لسودة ما ذكر حرصا على أن ينزل الحجاب. قالت عائشة رضي الله تعالى عنها، فأنزل الله الحجاب، وفيه أنه تقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>