للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنه، وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة من أدم من حمائل سيفه صلى الله عليه وسلم: وأنكر الإمام أبو العباس بن تيمية أنه صلى الله عليه وسلم تمنطق حيث قال: لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم شد وسطه بمنطقة.

وقد يقال: مراد ابن تيمية المنطقة المعروفة وليس هذا منها. وفيه رد على بعضهم في قوله: كان له صلى الله عليه وسلم منطقة من أدم فيها ثلاث حلق من فضة، والطرف من فضة.

وقد يقال: لا يلزم من كونه له منطقة أن يكون تمنطق بها فليتأمل.

وتقلد صلى الله عليه وسلم السيف، وألقى الترس في ظهره، أي وفي رواية: فركب صلى الله عليه وسلم فرسه السكب، وتقلد القوس، وأخذ قناته بيده، أي ولا مانع أن يكون جمع بين ذلك، فقالوا له: ما كان لنا أن نخالفك. ولا نستكرهك على الخروج فاصنع ما شئت. وفي رواية: فإن شئت فاقعد، أي وقال: قد دعوتكم إلى القعود فأبيتم وما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، أي وفي رواية: حتى يقاتل.

وأخذ منه أن يحرم على النبي نزع لأمته إذا لبسها حتى يلحق العدوّ ويقاتل، وبه قال أئمتنا: أي وقيل إنه مكروه واستبعد. وقوله صلى الله عليه وسلم «وما ينبغي لنبي» يقتضي أن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مثله في ذلك، أي لأن نزع ذلك يشعر بالجبن، وذلك ممتنع على الأنبياء صلى الله عليه وسلم قاله في النور.

وما اختص به من المحرمات فهو مكروه له، لأن المحرم في المنهيات كالواجب في المأمورات.

وعقد صلى الله عليه وسلم ثلاثة ألوية: لواء للأوس وكان بيد أسيد بن حضير، ولواء للمهاجرين وكان بيد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقيل بيد مصعب بن عمير، أي لأنه كما قيل لما سئل عمن يحمل لواء المشركين؟ فقيل طلحة بن أبي طلحة:

أي من بني عبد الدار، فأخذه صلى الله عليه وسلم من علي ودفعه لمصعب بن عمير، أي لأن مصعب بن عمير من بني عبد الدار وهم أصحاب اللواء في الجاهلية كما تقدم؛ وسيأتي. ولواء للخزرج كان بيد الحباب بن المنذر، وقيل بيد سعد بن عبادة.

وخرج في ألف، وقيل تسعمائة، ولعله تصحيف عن سبعمائة لما سيأتي أن عبد الله بن أبي ابن سلول رجع معه ثلاثمائة، فبقي سبعمائة من أصحابه صلى الله عليه وسلم منهم مائة دارع. وخرج السعدان أمامه صلى الله عليه وسلم يعدوان: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة دارعين.

واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، أي وسار إلى أن وصل رأس الثنية، أي وعندها وجد كتيبة كبيرة، فقال: ما هذا؟ قالوا: هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي ابن سلول من يهود، فقال: أسلموا؟ فقيل لا، فقال: إنا لا ننتصر بأهل الكفر على أهل الشرك

<<  <  ج: ص:  >  >>