للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادنوه مني فوسده قدمه الشريف، فمات رضي الله عنه وخده على قدمه الشريف صلى الله عليه وسلم.

وقاتل مصعب بن عمير رضي الله عنه دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتله ابن قمئة لعنه الله وهو يظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فرجع إلى قريش فقال: قتلت محمدا.

وقيل القاتل لمصعب رضي الله عنه أبي بن خلف لعنه الله، فإنه أقبل نحو النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول أين محمد لا نجوت إن نجا، فاستقبل مصعب بن عمير رضي الله عنه فقتل مصعبا، فاعترضه رجال من المسلمين؟ فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلوا طريقه، أي فأقبل وهو يقول يا كذاب أين تفر، وتناول النبي صلى الله عليه وسلم الحربة من بعض أصحابه أي وهو الحارث بن الصمة أو الزبير بن العوام على ما سيأتي، فخدشه بها في عنقه خشدا غير كبير احتقن الدم: أي لم يخرج بسبب ذلك الخدش، فقال قتلني والله محمد، فقالوا: ذهب والله فؤادك، أي وفي لفظ: ذهب والله عقلك، إنك لتأخذ السهام من أضلاعك فترمي بها، فما هذا والله ما بك من بأس، ما أخدعك، إنما هو خدش، ولو كان هذا الذي بك بعين أحدنا ما ضره، فقال: واللات والعزى لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز؟ أي السوق المعروف من جملة أسواق الجاهلية كان عند عرفة كما تقدم. وفي لفظ: لو كان بربيعة ومضر أي وفي لفظ: بأهل الأرض لماتوا أجمعون. إنه قد كان قال لي بمكة أنا أقتلك، فوالله لو بصق عليّ لقتلني أي فضلا عن هذه الضربة لأنه كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة: يا محمد إن عندي العود يعني فرسا له أعلفه في كل يوم فرقا بفتح الراء: هو مكيال معروف يسع اثني عشر مدا من ذرة أقتلك عليها فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أقتلك إن شاء الله، فحقق الله تعالى قول نبيه صلى الله عليه وسلم.

هذا، وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن أبي بن خلف قال حين أفتدي:

أي من الأسر ببدر: والله إن عندي لفرسا أعلفها كل يوم فرقا من ذرة أقتل عليها محمدا، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله.

أقول: يمكن الجمع بأنه تكرر ذلك من أبي لعنه الله ومن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

وفي رواية «أبصر صلى الله عليه وسلم ترقوته» بالفتح لا بالضم «من فرجة من سابغة الدرع» وهي ما يغطى به العنق من الدرع كما تقدم «فطعنه طعنة أي كسر فيها ضلعا» بكسر الضاد وفتح اللام وتسكينها «من أضلاعه» أي وهو المناسب لما في بعض الروايات «أن النبي صلى الله عليه وسلم طعنه طعنة وقع فيها مرارا من على فرسه وجعل يخور كما يخور الثور إذا ذبح، وإنه صلى الله عليه وسلم لما أخذ الحربة من الحارث بن الصمة، وقيل من الزبير بن العوام رضي الله عنه انتفض بها انتفاضة شديدة ثم استقبله فطعنه في عنقه» .

أقول: ولا مخالفة بين كون الطعنة في عنقه وكونها في ترقوته، لأن الترقوة في أصل العنق.

<<  <  ج: ص:  >  >>