أي وقيل إن طلحة رضي الله عنه كان في مشيه اختلاف لعرج كان به، فلما حمل النبي صلى الله عليه وسلم تكلف استقامة المشي لئلا يشق عليه صلى الله عليه وسلم فذهب عرجه ولم يعد إليه.
وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم انطلق حتى أتى أصحاب الصخرة: أي الجماعة الذين من الصحابة الذين علوا الصخرة: أي التي في الشعب، فلما رأوه وضع رجل سهما في قوسه وأراد أن يرميه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا رسول الله، ففرحوا بذلك وفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وجد في أصحابه من يمنع: أي ولعل هذا الذي أراد رميه صلى الله عليه وسلم لم يعرفه ولا من معه من الصحابة لارتفاع الصخرة.
قال: وعطش صلى الله عليه وسلم عطشا شديدا: أي ولم يشرب من الماء الذي جاء به علي كرم الله وجهه في درقته، لأنه صلى الله عليه وسلم وجد له ريحا فعافه: أي كرهه فخرج محمد بن مسلمة رضي الله عنه يطلب له ماء فلم يجد. فذهب إلى مياه فأتى منها بماء عذب، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له بخير.
وفي بعض الروايات أن نساء المدينة خرجن وفيهنّ فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتنقته وجعلت تغسل جراحاته، وعليّ كرم الله وجهه يسكب الماء فتزايد الدم، فلما رأت ذلك أخذت شيئا من حصير: أي معمول من البردي فأحرقته بالنار حتى صار رمادا، فأخذت ذلك الرماد وكمدته حتى لصق بالجرح فاستمسك الدم انتهى، أي لأن البردي له فعل قويّ في حبس الدم لأن فيه تجفيفا قويا.
وفي حديث غريب أنه صلى الله عليه وسلم داوى جرحه بعظم بال أي محرق.
وقد يقال: يجوز أن يكون الراوي ظنّ ذلك البردي المحرق عظما محرقا بناء على صحة تلك الرواية. وعن وضع هذا الرماد الحار عبر بعضهم بأنه صلى الله عليه وسلم اكتوى في وجهه وجعله معارضا للحديث الصحيح في وصف السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة من غير حساب بأنهم لا يكتوون.
وعارضه أيضا بأنه صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ مرتين ليرقأ: أي ينقطع الدم من جرحه، وكوى أسعد بن زرارة رضي الله عنه لمرض الذبحة.
ففي كلام بعضهم: كان موت أسعد بن زرارة رضي الله عنه بمرض يقال له الذبحة فكواه النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال: بئس الميتة لليهود؛ يقولون أفلا دفع عن صاحبه وما أملك له ولا لنفسي شيئا.
وأجيب بأن هذا الحديث محمول على من اكتوى خوفا من حدوث الداء، أو لأنهم كانوا يعظمون أمره ويرون أنه يقطع الداء، وإذا لم يكو العضو عطب وبطل، وهو محمل قوله صلى الله عليه وسلم «لم يتوكل من اكتوى» أو على من يفعله مع قيام غيره من الأدوية مقامه.