للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسن الوجه لا أعرفه حتى كان بعد» أي حتى بعد انقضاء الحرب لم أعرفه، فظننت أنه ملك، أي وفي رواية عنه أنه قال «رميت بسهم فرده عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسهمي أعرفه حتى واليت بين ثمانية أو تسعة، كل ذلك يرده عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا سهم دم» أي يصيب «فجعلته في كنانتي لا يفارقني» .

أقول: ولا منافاة بين هذا وبين قوله ثم أخذت سهما، لأن قوله المذكور لا ينافي أن يكون أخذه بمناولته صلى الله عليه وسلم لا من كنانته كما قد يتبادر، ولا بين قوله فيرده عليّ رجل أبيض حسن الوجه لا أعرفه، لأنه يجوز أن يكون ذلك الرجل كان يرد السهام التي كان يرمي بها حتى لا تفنى سهامه إلا هذا السهم فإنه لم يرده له، بل يناوله له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرده عليه. ولا منافاة بين قوله: حتى واليت بين ثمانية أو تسعة وبين إخباره بقوله: ثم أخذت سهما إلى أن عدد خمس مرات، لأنه يجوز أن تكون تلك الخمسة قتل فيها وفيما زاد لم يقتل بل جرح فليتأمل والله أعلم.

وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهر ذلك اليوم وهو جالس من الجراحة التي أصابته.

وصلى المسلمون خلفه قعودا: أي ولعلّ ذلك كان بعد انصراف عدوهم. وإنما صلى المسلمون خلفه صلى الله عليه وسلم قعودا موافقة له صلى الله عليه وسلم وقد نسخ ذلك.

أو أن من صلى قاعدا إنما هو لما أصابهم من الجراح وكانوا هم الأغلب، فقيل صلى المسلمون خلفه قعودا؛ فقد جاء أنه وجد بطلحة رضي الله عنه نيف وسبعون جراحة من طعنة وضربة ورمية وقطعت أصبعه. وفي رواية أنامله. وعند ذلك قال حسن، فقال له صلى الله عليه وسلم: «لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة عليهم السلام والناس ينظرون إليك حتى تلج بك في جوّ السماء» زاد في لفظ «ولرأيت بناءك الذي بني الله لك في الجنة وأنت في الدنيا» .

وفي البخاري عن قيس بن أبي حازم قال «رأيت يد طلحة بن عبيد الله شلاء وقى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد» أي من سهم، وقيل من حربة ونزف به الدم حتى غشي عليه؛ ونضح أبو بكر رضي الله عنه الماء في وجهه حتى أفاق، فقال ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال له أبو بكر: هو بخير، وهو أرسلني إليك، فقال: الحمد الله كل مصيبة بعده جلل أي قليلة.

وكان يقال لطلحة رضي الله عنه الفياض، سماه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة العشيرة كما تقدم. وسماه طلحة الجود في أحد، لأنه أنفق في أحد سبعمائة ألف درهم. وسماه في أحد أيضا طلحة الخير.

وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أصيب فوه فهتم وجرح عشرين جراحة.

قال وفي رواية عشرين جراحة فأكثر، وجرح في رجله فكان يعرج منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>