وقتل أيضا أحد بني عمرو بن الجموح وهو خلاد رضي الله عنه. وقتل أخو زوجته هند بنت حزام وهو عبد الله والد جابر رضي الله عنه، فحملتهم هند على بعير لها تريد أن تدفنهم في المدينة، فلقيتها عائشة رضي الله عنها وقد خرجت في نسوة يستروحن الخبر فقالت لها عائشة رضي الله عنها: جاء خبر الجيش، فقالت: أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فصالح وكل مصيبة بعده جلل، واتخذ الله من المؤمنين شهداء. ثم قالت لها: من هؤلاء؟ قالت: أخي عبد الله وابني خلاد وزوجي عمرو بن الجموح رضي الله عنهم، فبرك بهم البعير وصار كلما توجه إلى المدينة يبرك، وإن وجه إلى أرض أحد نزع، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته، فقال: إن الجمل مأمور فقبرهم بأحد، وقال صلى الله عليه وسلم لهند «يا هند ما زالت الملائكة مظلة على أخيك من لدن قتل إلى الساعة ينظرون أين يدفن» ولعلّ هذا كان قبل أن ينادي بردّ القتلى إلى مضاجعهم.
قال جابر رضي الله عنه: كان أبي أول قتيل للمسلمين، قتله أبو الأعور السلمي.
وفي الصحيح أن عائشة رضي الله عنها وأم سليم كانا يسقيان الناس يفرغان من القرب في أفواه القوم.
أي ولا مخالفة لأنه يجوز أن يكون ذلك شأن عائشة بعد وصولها لأحد، أي وقد كان صلى الله عليه وسلم خلف اليمان والد حذيفة وثابت بن وقس في الآطام مع النساء والصبيان لأنهما كانا شيخين كبيرين، فقال أحدهما لصاحبه: لا أبالك، ما ننتظر؟ فوالله إن بقي لواحد منا في عمره إلا ظمأ حمار، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا الشهادة، فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس من جهة المشركين ولم يعلم المسلمون بهما. فأما ثابت فقتله المشركون، وأما اليمان فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولم يعرفوه.
وذكر السهيلي أن في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما أن الذي قتله خطأ هو عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وعتبة هو أول من سمى المصحف مصحفا. وعند ذلك قال حذيفة أبي فقالوا ما عرفناه. فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة رضي الله عنه بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا. واسم اليمان حسيل، وقيل له اليمان لأنه نسب إلى جدّه اليمان بن الحارث وقيل إنما قيل له اليمان لأنه أصاب دما في قومه، فهرب إلى المدينة، فحالف بني الأشهل فسماه قومه اليمان لمحالفته اليمانية: أي وهم أهل المدينة.
ومما يؤثر عن حذيفة رضي الله عنه، أنه قيل له: من ميت الأحياء؟ قال: الذي لا ينكر المنكر بيديه ولا بلسانه ولا بقلبه.
وفي الكشاف: وعن حذيفة رضي الله عنه أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل