للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: خرج عليهنّ، أي بعد ثلث الليل لصلاة العشاء فإن بلالا أذن بالعشاء حين غاب الشفق، فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ذهب ثلث الليل نادى بلال: الصلاة يا رسول الله، فقام من نومه وخرج وهنّ على باب المسجد يبكين حمزة رضي الله عنه. ولا يخالف ما سبق، لأن بيت عائشة رضي الله عنها كان ملاصقا للمسجد، فقال لهنّ: ارجعن رحمكنّ الله، لقد واسيتن معي، رحم الله الأنصار، فإن المواساة فيهم كما علمت قديمة.

أي ولا منافاة، لأنه يجوز أن يكون الأمر عند رجوعه من صلاة المغرب كان لطائفة وبعد ثلث الليل كان لطائفة أخرى، وصارت الواحدة من نساء الأنصار بعد لا تبكي على ميتها إلا بدأت بالبكاء على حمزة رضي الله عنه ثم بكت على ميتها.

ولعل المراد بالبكاء النوح، وباتت وجوه الأوس والخزرج تلك الليلة على بابه صلى الله عليه وسلم بالمسجد يحرسونه خوفا من قريش أن تعود إلى المدينة.

وجاء أنه صلى الله عليه وسلم نهى نساء الأنصار عن النوح، وقال له الأنصار: يا رسول الله، بلغنا أنك نهيت عن النوح، وإنما هو شيء نندب به موتانا، ونجد فيه بعض الراحة، فائذن لنا فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: إن فعلن، فلا يخمشن، ولا يلطمن، ولا يحلقن شعرا، ولا يشققن جيبا.

وجاء أنه في يوم أحد دفع عليّ كرّم الله وجهه سيفه لفاطمة رضي الله عنها وقال لها اغسليه غير ذميم، فقال صلى الله عليه وسلم: إن تكن أحسنت فقد أحسن فلان وفلان وعدّد جماعة، أي منهم سهل بن حنيف وأبو دجانة.

وما روي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم في يوم أحد دفع سيفه ذا الفقار لابنته فاطمة رضي الله عنها وقال: اغسلي عنه دمه، لقد صدقني اليوم، وناولها علي كرم الله وجهه سيفه وقال: وهذا فاغسلي عنه دمه، فو الله لقد صدقني اليوم، فقال صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه: لئن صدقت القتال لقد صدق معك سهيل بن حنيف وأبو دجانة.

وعن ابن عقبة لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف علي كرم وجهه مختضبا دما، قال: إن تكن أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف. وكونه صلى الله عليه وسلم دفع سيفه لابنته فاطمة رضي الله عنها رده الإمام أبو العباس بن تيمية، بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقاتل في ذلك اليوم بسيف، لكن في النور أن هذا الحديث لم يتعقبه الذهبي. قال: ففيه ردّ على ابن تيمية هذا كلامه فليتأمل.

والأكثر على أن الذين قتلوا يوم أحد من المسلمين سبعون: أربعة من المهاجرين، وهم: حمزة ومصعب وعبد الله بن جحش وشماس بن عثمان، وقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>