للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله، فقال حيي: نأبى إلا عداوة محمد وإلا قتاله. قال سلام: فهو والله جلاؤنا من أرضنا، وذهاب أموالنا وشرفنا، وسبي ذرارينا مع قتل مقاتلينا، فأبى حيي إلا محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقالت له بنو النضير: أمرنا لأمرك تبع لن نخالفك، فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكر اهـ، فتهيأ الناس لحربهم. فلما اجتمع الناس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وحمل رايته علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وسار بالناس حتى نزل بهم وصلى بهم العصر بفنائهم، وقد تحصنوا وقاموا على حصنهم يرمون بالنبل والحجارة.

أي وفي كلام بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه رضي الله عنهم بالميسر إلى بني النضير فسار بهم إليهم، فوجدهم ينوحون على كعب بن الأشرف أي الآتي قتله في السرايا، قالوا: يا محمد داعية إثر داعية وباكية إثر باكية، ذرنا نبكي شجونا ثم ائتمر أمرك، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: اخرجوا من المدينة، قالوا: الموت أهون من ذلك ثم تبادروا بالحرب، هذا كلامه.

قال: ولما جاء وقت العشاء رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته في عشرة من أصحابه عليه الدرع وهو على فرس، واستعمل على العسكر علي بن أبي طالب ويقال أبا بكر وبات المسلمون يحاصرونهم ويكبرون حتى أصبحوا ثم أذن بلال بالفجر، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه الذين كانوا معه فصلى بالناس، وأمر بلالا فضرب القبة، وهي قبة من خشب عليها مسوح، فدخل صلى الله عليه وسلم فيها، وكان رجل من يهود يقال له غزول، وكان أعسر راميا يبلغ نبله ما لا يبلغه نبل غيره، فوصل نبله تلك القبة، فأمر بها فحولت. وفي ليلة من الليالي فقد علي رضي الله تعالى عنه قرب العشاء، فقال الناس: يا رسول الله ما نرى عليا، فقال: دعوه أي اتركوه، فإنه في بعض شأنكم، فعن قليل جاء برأس الرجل الذي يقال له غزول الذي وصل نبله قبته صلى الله عليه وسلم، كمن له عليّ حين خرج يطلب غرة من المسلمين ومعه جماعة، فشد عليه فقتله وفرّ من كان معه، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عليّ أبا دجانة وسهل بن حنيف في عشرة، فأدركوا أولئك الجماعة الذين كانوا مع غزول وفروا من عليّ فقتلوهم انتهى.

وذكر بعضهم أن أولئك الجماعة كانوا عشرة، وأنهم أتوا برؤوسهم فطرحت في بعض الآبار. وفي هذا ردّ على بعض الرافضة حيث ادعى أن عليا هو القاتل لأولئك العشرة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل، أي وبحرقها بعد أن حاصرهم ست ليال وقيل خمسة عشر يوما: أي وقيل عشرين ليلة، وقيل ثلاثا وعشرين ليلة، وقيل خمسا وعشرين ليلة. وكان سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه في تلك المدة يحمل التمر للمسلمين: أي يجاء به من عنده. قال: واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على قطع النخل أبا ليلى المازني وعبد الله بن سلام. وكان أبو ليلى يقطع العجوة وعبد الله يقطع اللين

<<  <  ج: ص:  >  >>