للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن إسحاق أم عمرو صاحبة عروة بن الورد الذي قيل فيه: من قال إن حاتما أسمح العرب فقد ظلم عروة بن الورد. أغار عروة على قومها فسباها ثم اتخذها حليلة له فجاءت منه بأولاد.

ثم إن بعض بني النضير اشتراها من عروة بعد أن سقاه الخمر، ثم لما أفاق ندم. ثم اتفق هو ومن اشتراها على أن تكون عند من تختاره، فخيرها فاختارت من اشتراها.

وقيل إن قومها جاؤوا إليه بفدائها، فخيرها وكان لا يظن أن تختار عليه أحدا، فاختارت قومها فندم.

وعند مفارقتها له قالت له: والله ما أعلم امرأة من العرب أرخت سترا على بعل مثلك، أغض طرفا ولا أندى كفا، وأغنى غناء، وإنك لرفيع العماد، كثير الرماد، خفيف على ظهور الخيل، ثقيل على متون الأعداء، وأحنى على الأهل والجار، وما كنت لأوثر عليك أهلي لولا أني كنت أسمع بنات عمك يقلن: قالت أم عروة وفعلت أم عروة فأجد من ذلك الموت، والله لا يجامع وجهي وجه أحد من أهلك فاستوص ببينك خيرا، ثم تزوجت في بني النضير، وشقوا سوق المدينة وصف لهم الناس، فجعلوا يمرون قطارا في أثر قطار، وإن سلام بن أبي الحقيق رافع جلد جمل أي أو ثور أو حمار مملوء حليا، وينادي بأعلى صوته: هذا أعددناه لرفع الأرض وخفضها، وإن كنا تركنا نخلا ففي خيبر النخل، وحزن المنافقون لخروجهم أشد الحزن انتهى.

وهذا الحلي كانوا يعيرونه للعرب من أهل مكة وغيرهم، وكان يكون عند آل أبي الحقيق، وسيأتي في غزوة خيبر أنه صلى الله عليه وسلم عبر عن هذا الحلي بالآنية والكنز وأنه كان سببا لقتل ولدي أبي الحقيق لما كتماه عنه صلى الله عليه وسلم.

فمنهم من سار إلى خيبر، أي ومن جملة هؤلاء أكابرهم حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن أبي الربيع بن أبي الحقيق. فلما نزلوا خيبر دان لهم أهلها.

ومنهم من سار إلى الشام: أي إلى أذرعات. وكان فيهم جماعة من أبناء الأنصار، لأن المرأة من الأنصار كان إذا لم يعش لها ولد تجعل على نفسها إن عاش لها ولد تهوده، فلما أجليت بنو النضير قال آباء أولئك: لا ندع أبناءنا، وأنزل الله تعالى لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ [البقرة: الآية ٢٥٦] وهي مخصوصة بهؤلاء الذين تهودوا قبل الإسلام، وإلا فإكراه الكفار الحربيين على الإسلام سائغ، ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: وهما يامين بن عمير، وأبو سعد بن وهب. قال أحدهما لصاحبه: والله إنك لتعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ننتظر أن نسلم فنأمن على دمائنا وأموالنا، فنزلا من الليل وأسلما فأحرزا أموالهما. أي وجعل يامين لرجل من قيس جعلا أي وهو عشرة دنانير، وقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>