للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا رسول الله إني امرؤ ثقيل النوم لا أستيقظ حتى تطلع الشمس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظت فصلّ» أي وفي رواية «شكته إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه يضربها، فقال: إنها تصوم بغير إذني، فقال لها لا تصومي إلا بإذنه قالت: إنه ينام عن الصلاة، أي صلاة الصبح، قال إنه شيء ابتلاه الله به، فإذا استيقظ فليصلّ» وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم من حاله أنه ينام عن صلاة الصبح «قالت إنه إذا سمعني أقرأ يضربني فقال: إن معي سورة ليس معي غيرها هي تقرؤها، قال: لا تضربها، فإن هذه السورة لو قسمت في الناس لوسعتهم» أي وهذا الجواب منه صلى الله عليه وسلم يدل على أن صفوان ظنّ أن امرأته إذا قرأت تلك السورة شاركته في ثوابها فليتأمل.

«فأدلج: أي سار ليلا فأصبح عند منزلي» أي على خلاف عادته «فرأى سوادا» أي شخص إنسان نائم «فأتاني فعرفني، فاستيقظت باسترجاعه» أي بقوله: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ [البقرة: الآية ١٥٦] أي لأن تخلف أمّ المؤمنين عن الرفقة في مضيعة:

مصيبة أي مصيبة، قالت: فخمرت وجهي بجلبابي» وهو ثوب أقصر من الخمار، ويقال له المقنعة تغطي بها المرأة رأسها: أي لأن ذلك كان بعد نزول آية الحجاب أي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ [الأحزاب: الآية ٥٣] الآية أي لأنه تقدم أن ذلك كان في سنة ثلاث على الراجح عند الأصل.

وفي الإمتاع وذكر بعض علماء الأخبار أن تزوجه صلى الله عليه وسلم زينب التي نزلت آية الحجاب بسببها كان في ذي القعدة سنة خمس، ولا يخفى أن هذا القول ينافيه ما يأتي عن عائشة رضي الله عنها من قولها «إن زينب هي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» إذ هو صريح في أنها كانت زوجة له صلى الله عليه وسلم قبل هذه الغزوة بناء على أن هذه الغزوة كانت سنة ست.

«قالت والله ما كلمني» وفي لفظ «والله ما يكلمني كلمة، وما سمعت منه كلمة» أي فلا كلمها ولا كلم نفسه، قيل استعمل الصمت أدبا لهول هذا الأمر الذي هو فيه، فلم يقع منه غير الاسترجاع حين أناخ ناقته فوطىء على يدها فركبتها. وفي رواية «ثم قرب البعير، فقال اركبي أي وفي لفظ قال أمه قومي فاركبي، وأخذ برأس البعير» وجاء «أنها لما ركبت، قالت حسبي الله ونعم الوكيل» .

وفي سيرة ابن هشام «أنه لما قال لها ما خلفك يرحمك الله؟ قالت فما كلمته» أي ويحتاج إلى الجمع بين هذه الروايات الثلاث وما قبلها على تقدير صحتها.

وقد يقال إنها لم تسمع منه غير استرجاعه ولا كلمها ولا تكلم قبل أن يقرب إليها البعير كما علمت، فلما قرب البعير إليها، قال لها: يا أمه قومي فاركبي» لأن إناخة البعير وتقريبه ليس صريحا في الإذن لها في الركوب. فأتى بذلك اللفظ الدالّ على مزيد احترامها وإجلالها وتعظيمها. وبعض الرواة اقتصر على قولها اركبي «وبعد

<<  <  ج: ص:  >  >>