رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فو الله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا- يعني صفوان- ما علمت عليه إلا خيرا، أي وزاد في رواية «ولا يدخل بيتي» . وفي لفظ «بيتا من بيوتي إلا وأنا حاضر، ولا غبت في سفر إلا غاب معي يقولون عليه غير الحق. فقام سعد بن معاذ: أي سيد الأوس فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وقد احتملته الحمية» وفي لفظ «أجهلته الحمية. وكان قبل ذلك رجلا صالحا» : أي لما ذكر سعد بن معاذ الخزرج الذين هم قوم سعد بن عبادة غضب سعد بن عبادة لأجلهم وحملته الحمية لهم على أن يجهل» أي قال قول الجهل «فقال لسعد بن معاذ كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ كما تقدم. فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه وأنفك راغم. فإنك منافق تجادل عن المنافقين» أي والمراد بكونه منافقا أنه يفعل فعل المنافقين، ومن ثم لم ينكر صلى الله عليه وسلم ذلك إن كان سمعه، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، لأنه كان بين الحيين قبل الإسلام مشاحنة ومحاربة كما تقدم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، «فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، قالت: وأنا لا أعلم بشيء من ذلك» .
أقول فيه أن سعد بن معاذ لم يقل إنه إن كان من الخزرج نقتله، بل قال نفعل فيه ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحسن ردّ سعد بن عبادة عليه بما ذكر.
ثم رأيت بعضهم ذكر أن الأظهر عندي أن ابن عبادة لم يقل ذلك حمية لقومه، وإنما أراد الإنكار على ابن معاذ في كونه يقتل شخصا من قومه الذين هم الأوس مع أنه يظهر الإسلام لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل من يظهر الإسلام، فكأنه قال لا تقل ما لا تفعل ولا تقدر على فعله حيث لم يأمرك بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما انتصر أسيد بن حضير لسعد بن معاذ نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحالة العظيمة التي طلب النبي صلى الله عليه وسلم فيها من يعذره من ذلك القائل، وإنكاره على سعد بن عبادة إنما هو إنكار ظاهر لفظه وإن كان لباطنه مخلص حسن، وكم من لفظ ينكر إطلاقه على قائله وإن كان في الباطن له مخلص هذا كلامه.
ثم رأيت في السيرة الهشامية أن المتكلم أسيد بن حضير، وأنه قال يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفيكهم، وإن يكونوا من إخواننا الخزرج فمرنا أمرك، فو الله إنهم لأهل لأن نضرب أعناقهم، فقام سعد بن عبادة فقال: كذبت لعمر الله، والله ما تضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك يعني الأوس ما قلت هذا: أي لأن عبد الله بن أبي ابن سلول من