للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس، أنه سوف يحكم بالعدل والرفق وفقاً لأحكام الشرع، ويعمل على إقامة الخير بينهم، والذب عن حوزتهم، وأنه سوف يرفع عنهم سائر المغارم الجائرة، ولا يفرض عليهم من التكاليف والالتزامات إلا ما يجيزه الشرع. وكان خلع عبد الله بن بلقين بن باديس في اليوم العاشر من شهر رجب سنة ٤٨٣ هـ (سبتمبر سنة ١٠٩٠) (١).

وبعث أمير المسلمين في الوقت نفسه سرية من جنده إلى مالقة، فقبض على صاحبها تميم بن بلقين أخى عبد الله، وحمل مكبلا إلى العدوة، ثم أرسل إلى السوس. وكان الفقهاء قد اتهموه بطائفة من المظالم الشنيعة وطالبوا بخلعه (٢).

وأخذ عبد الله وأهله أولا إلى الجزيرة الخضراء، ثم نقلوا إلى سبتة، فمكناسة وأخذوا أخيراً إلى مدينة أغمات، حيث تقرر إقامتهم، وأنزلوا هنالك داراً حسنة، وعوملوا برفق ورعاية، وعاش عبد الله بأغمات حتى توفي. وكتب فيها مذكراته الموسومة بكتاب " التبيان "، وهي التي رجعنا إليها في غير موضع. وعفا أمير المسلمين فيما بعد عن أخيه تميم، فسكن مراكش حتى توفي بها في سنة ٤٨٨ هـ (٣).

وهكذا سقطت أول دولة من دول الطوائف في أيدي المرابطين، وكان سقوطها نذيراً باضطرام العاصفة، التي قدر لها أن تجتاح الطوائف جميعاً. وشعر المعتمد بن عباد بخطورة هذا النذير، بيد أنه كان من جهة أخرى، ما يزال يعلل نفسه بمختلف الآمال الغامضة، وكان قد استقبل يوسف عند مقدمه بالجزيرة الخضراء، وقدم إليه المؤن والضيافات المعتادة، ويقال إن يوسف وعده عندئذ بغرناطة متى استولى عليها (٤). فلما ظفر يوسف بامتلاكها، سار المعتمد ومعه زميله المتوكل بن الأفطس إلى غرناطة، فقدما التهنئة لأمير المسلمين بهذا الفتح.

وظن المعتمد عندئذ أن يوسف سوف ينجز وعده بالنزول له عن غرناطة، مقابل


(١) يراجع في حوادث سقوط غرناطة في أيدي المرابطين: كتاب التبيان أو مذكرات الأمير عبد الله ص ١٤٧ - ١٦٠، وروض القرطاس ص ٩٩ و ١٠٠، وأعمال الأعلام ص ٢٣٥ و ٢٣٦، وابن خلدون ج ٦ ص ١٨٧. وراجع أيضاً: Dozy: Hist.V.III.p. ١٤١-١٤٤، وكذلك R.M.Pidal: ibid ; p. ٣٩٤-٣٩٦
(٢) كتاب التبيان ص ١٦٢ و ١٦٣، وأعمال الأعلام ص ٢٣٦.
(٣) كتاب التبيان ص ١٧١، وأعمال الأعلام ص ٢٣٦.
(٤) كتاب التبيان ص ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>