للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصارى، وتسليم البلاد، والاحتماء بهم، ومسلكه إزاء شعبه في اقتضاء المكوس الجائرة، وغير ذلك مما يخالف أحكام الشرع، ومجاهرته بالمعاصي، كل ذلك مما يفقده أهليته لحكم المسلمين، ويوجب محاربته وخلعه (١). أما عن المبررات المادية، فقد وقعت في يد يوسف بعض المراسلات السرية الموجهة من ابن عباد إلى ملك قشتالة، يستغيث به ويطلب معونته (٢)، وكان المعتمد بعد أن رأى جنود قشتالة تجتاح بلاده، وتمعن في تخريبها، دون أن يستطيع دفعاً لهم، وشعر من جهة أخرى بما يضمره المرابطون نحوه من النيات الخطرة، قد أيقن أنه لا معدي له عن الالتجاء إلى ملك قشتالة، والتفاهم معه على دفع المرابطين عن الأندلس.

وبينما كان المعتمد منهمكاً في أهباته الدفاعية بإشبيلية، كان قائد المرابطين سير بن أبي بكر، يضع خططه النهائية للانقضاض على قواعد مملكة إشبيلية، وقد بدأ في ذلك بالاستيلاء على طريف أقصى ثغورها الجنوبية، وذلك في شوال سنة ٤٨٣ هـ (ديسمبر ١٠٩٠ م) ونادى فيها بدعوة أمير المسلمين (٣)، ثم اتجه نحو الشمال قاصداً إشبيلية، بينما زحفت الجيوش المرابطية الفرعية على رندة وجيان وقرطبة. فأما رندة فقد حاصرها القائد جرور المرابطي بقواته، وكان يضطلع بالدفاع عنها يزيد الراضي ولد المعتمد. وكانت رندة من أمنع القواعد الجنوبية، فصمد بها الراضي، واضطر جرور أن يقنع بالحصار منتظراً سير الحوادث. وأما جيان، فقد زحف عليها جيش مرابطي بقيادة بطى بن اسماعيل وضرب حولها الحصار. وهنا يقول لنا ابن الخطيب إن جيشاً من القشتاليين قدم لإنجاد جيان، تنفيذاً للحلف المعقود بين ابن عباد وملك قشتالة، وإنه نشبت بين المرابطين والنصارى موقعة أبيد فيها المرابطون (٤). بيد أن ابن أبي زرع يقول لنا بالعكس أن بطى حاصر جيان حتى دخلها صلحاً، وكتب سير بالفتح إلى أمير المسلمين، وأمر بطى بالسير بقواته إلى قرطبة (٥). وقد ذكرنا من


(١) ابن خلدون ج ٦ ص ١٨٧ و ١٨٨.
(٢) كتاب التبيان ص ١٦٩.
(٣) المعجب ص ٧٥. وكذلك: R.M.Pidal: ibid, p. ٣٩٨
(٤) أعمال الأعلام ص ١٦٣.
(٥) روض القرطاس ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>