للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل وفقاً لرواية صاحب الحلل الموشية، أن القوات المرابطية التي سارت لمنازلة قرطبة كانت بقيادة ابن الحاج. وعلى أي حال فقد زحف المرابطون على قرطبة، وبها حاكمها ولد المعتمد، الفتح الملقب بالمأمون، وكان قد اتخذ كل الأهبات الدفاعية الممكنة، وأرسل زوجه وأولاده وأمواله تحوطاً إلى حصن المدور (١)، الواقع جنوب غربي قرطبة على ضفة نهر الوادي الكبير، لكي تبقى بمنجاة من الخطر، وحتى تستطيع أن تلوذ عند الضرورة بحماية ملك قشتالة، وقد كان هذا الإجراء فيما يبدو بإشارة المعتمد أو بموافقته. والواقع أن قرطبة لم تصمد طويلا، فقد اقتحمها المرابطون بعنف، وقتل الفتح بن عباد خلال الهجوم مدافعاً عنها، ورفع المرابطون رأسه على رمح. وكان افتتاح المرابطين لقرطبة في اليوم الثالث من صفر سنة ٤٨٤ هـ (٢٦ مارس سنة ١٠٩١ م) (٢).

* * *

وهنا يجب أن نقف قليلا، لنتناول مسألة تاريخية هامة، غمرتها الأسطورة مدى عصور، ثم ألقى عليها البحث الحديث ضوءه المقنع، تلك هي قصة زائدة الأندلسية.

لقد ذكرت الروايات الإسبانية النصرانية، المعاصرة واللاحقة، أن ألفونسو السادس قد تزوج من ابنة للمعتمد بن عباد تسمى " زائدة " أو أنه قد اتخذها خليلة، وأنجب منها ولده الوحيد سانشو. وتزيد على ذلك أن المعتمد نفسه، حينما شعر بخطر المرابطين الداهم على مملكته، واستغاث بألفونسو لمعاونته على دفعه، هو الذي قدم ابنته المذكورة للملك النصراني، وأنه نزل له عن مواضع معينة من أراضي مملكة طليطلة، كان قد افتتحها، لتكون مهراً لابنته المذكورة، وترجع بعض الروايات المتأخرة هذا التصرف من جانب ابن عباد إلى فرصة سابقة على مقدم المرابطين، وتقول إنه كان ضمن مغريات الحلف الذي عقده المعتمد مع ألفونسو عن طريق وزيره ابن عمار، وأخيراً أن هذا التصرف قد أثار فضيحة كبيرة في الأندلس، واتهم ابن عباد بالتفريط في عرضه ودينه (٣).


(١) وهي بالإسبانية Almodavar del Rio
(٢) روض القرطاس ص ١٠٠، وراجع: R.M.Pidal: ibid.p. ٤٠٥
(٣) وردت هذه القصة ضمن رواية Pelayo de Oviedo المعاصرة، وقد نشرت ضمن =

<<  <  ج: ص:  >  >>